الآن .. بعد هذا
العري الجارح
أغطي عظامي بعشب بالي
لعلي أُستر من الراجمين
لعلي أختبيء من مصاصي الدماء
لعلي أجد حضن أمي
التي تغفر قبل أن أعترف بخطيئتي
التي تفديني دون أن تفكر لحظة أو طرفة
عين
دون أن تترك لخيالها العنان الكفيف
أمي التي لا يمكن أن تجدها في أعين مدعي
الحب
ولا في الهياكل الموبوءة بالرعاة
والرعية
أمي التي تمسح نزيفي بشعرها
وصديد جروحي بروحها
وعظامي النتنة في قبر جسدي .. تخلدها
تجعل ضريحي قبلتها
وضعفي لها وطن
ها سر أثامي .. قدس الداء
قربان على مذبحك يا أمي
لا أخاف من طيورك الجارحة
من هاويتك الدافئة
فضيق صدرك براحي
ونارك فردوسي
" اذهب ولا تخطيء مرة أخرى "
هل يمكن أن يولد من الجافي حلاوة
هل يمكن أن يبيّض القلب الأسود ليكون
أكثر بياضاً من الثلج
هل ستقدر رحاب المغتربة أن تنتمي
هل سيقدر يهوذا أن يعاهد .. أن يقول
لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك
هل سيختار اللص الساخر في آخر لحظة من
عمره
أن يلمس هدب دم المـُعلم
هل .. وهل .. وهل
استفهامات يا أمي .. تنهش الروح الميتة
" وتقول لها لماذا تضطهدني "
" لماذا تسكب الخل على جـُرحي
"
سنين من الترك .. ومن الوحدة
مـُلقى على قارعة الحياة
ألهث وأشرب ماء مالح
وآكل برهبة من فتات الأطعمة الفاسدة
طفل نحيف الروح .. خريفي القلب
أيقوني الملامح
ضالاً منذ البدء
أقرع الأبواب العتيقة .. بحثاً عن
الهداية
وكوب ماء بارد .. ولمسة حب
أقرع لتفتح لي الحرباء
أو ليفتح لي الغول والعنقاء
ولأهرب من جديد نحو البرية هنا
أو غابة كثيفة الظلال والضلال هناك
لأرحل ضالاً أكثر مما بدأت
عطشاناً أكثر مما بدأت
فقير الروح أكثر مما بدأت
والآن أخاف قرع الأبواب العتيقة
وفتح النوافذ الشاهقة
ومذابح القرابين وموائد الأطعمة
أخاف من كل ألوان طيف الفخاخ
إلا من فخ أمي
إلا من هاوية أمي
إلا من رجم أمي
إلا من نار أمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق