الثلاثاء، 26 فبراير 2013

هل أنت عبد .. أم حـُر ؟


سؤال على هيئة مرآة ..
مرآة تعكس .. تفضح .. تعري كل ملامحنا الظاهر منها والمختبيء
الملموس منها .. والمحسوس
البسيط منها .. والمـُشفر
ملامح العبيد منحوتة بالمطرقة
أو بريشة من تراب
مليئة بالتصنع .. ومسح الجوخ ..
وكلمة " نعم " و " آمين " و " تأمر يا باشا "
قاموس خانع قبل أن يسمع .. قبل أن يفكر ..
قبل أن ينفذ بناءاً على التوجيهات    
العبيد هم فقراء الجوهر أو أثرياء المظاهر الخادعة
مكياج يحاول أن يغطي ملامح الفراغ
يكذب ليجملها .. أو يتجمل ليكذبها
يحاول فيسقط في امتحان الأناقة المزور
شبه لهم جمالاً .. شبه لهم طاعة .. شبه لهم طريقاً وهو التيه بعينه
العبد الطائع تحل عليه لعنة الحرية
لعنة الحرية التي لا ترحم القطيع
وتروس الماكينة الميتة .. وأمواج البـِركة المصطنعة
حياة العبيد لا يوجد فيها ألف ولا ياء
يوجد فيها داء .. داء لا يشفى ولو بمعجزة
يشفى فقط إن أرادوا
داء الخنوع .. داء الصمت الرخيص
داء الفزع من الاختلاف
داء التكرار وتقليد القرود بالباطل
وتسليم الببغاء للببغاء ..
لحروف تقتل .. تصدأ .. ينخرها السوس 
الثوابت وأناشيد الصباح الركيكة
والغوص في النوم ليلاً في بيت من القش
ووطن من العسكر 
حيث الرقيق الأبيض .. والرقيق المؤمن ..
والرقيق الشحاذ
العبيد لا يبحثون .. لا يشكون .. لا يفتشون الكتب
لا يزرعون قمراً في الظلمة
ولا ينحتون حرفاً على قلبك للذكرى الخالدة
العبيد يغمضون العقل قبل العين
يغمضون البصيرة قبل البصر
يغتالون الروح في مسرح الأجساد البالية
يومهم كأمسهم .. وأمسهم كغدهم .. لا جديد
رتابة وملل .. فراغ واحباط
أضلع حياة العبيد
بلا طعم .. ولا رائحة .. ولا لون
بكاء بلا شجن
سعادة بلا تحليق
صدر بلا قلب
ترغيب العبيد ساذج وبذيء
وترهيب العبيد سادي ومتوحش
العبيد هم أضرحة الموت
لا يجيدون إلا بناء المقابر
وغناء النواح
الحـُر .. شخص آخر
مغامرة أخرى .. حلم كالنهر لا يتحقق مرتين
حلم بلا ضفاف .. حلم لا يـُعبر
يبدأ بالممكن وينتهي بالمستحيل
سمكة حية تسبح عكس الأمواج باهظة الثمن
تقرر مصيرها بوضوح وببريق الذهب
مرفوعة الهامة تسبح
تقول لا في وجه عبيد الـ " نعم " هؤلاء الموافقون دائماً
أصحاب الصفوف الأولى .. الملطخة وجوههم بالفلاشات
وبالأضواء التي تنفر الفراشات
وتجذب الذباب 
أضواء الفخاخ وتشامخ البالونات الفارغة
الحـُر يولد ألف ويموت ياء
وبين قطبي وجوده تاريخ حافل
بالمد والجزر .. بالمعنى والعمق ..
بالجمال والحب .. بالخير والعطاء
بالإبداع والبناء .. بالغناء
تاريخ لا يـُزّور .. ولا يـُحرف
مكتوب بأنامل الملائكة على صفحة الروح البيضاء
أبرع جمالاً من كل العبيد
أقدس عمقاً من كل العبيد
أعظم وأجرأ حـُباً من كل العبيد
الحـُر يكون .. والعبد لا يكون
يكون ولو تأخر إلى الهزيع الثاني عشر
ولا يكون حتى لو ظهر سرابه فجأة في سماء الكينونة
لن يكون 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق