الثلاثاء، 26 فبراير 2013

واحنا .. مين اللي خلقنا ؟!



ذهبت إلى هناك ..
فوجدت استعلان الأنسنة وغياب التوحش
وأتيت إلى هنا
لأجد استعلان التوحش وغياب الأنسنة
 لا أعرف من أين يأتي إحساس الغربة .. البرد والوحدة
وأي نبع يفيض ويملأ كيانك بالوطن ، بالأمان ، بالدفء الحميم
أحاسيس عجيبة يختبرها الإنسان ولا يعرف من أين تأتي وإلى أين تمضي .
تترك نتؤات على قلبه .. وذكريات خالدة في أقداس روحه
وعوامل تعرية وعوامل تغطية تنحت ملامحه الجوانية جداً
هناك بيوت لا نعرفها ولكن لا تخطئها العين حتى لو كانت عين شريرة ..
جمالها .. رونقها .. اتساقها المـُحكم مع المشهد الأبعد ..
وكأن من بناها كانوا كثرى
التعددية هنا تحكم كل شيء حتى البناء .. لكي يروا كل الزوايا وكلالأبعاد
الأحادية هناك مرذولة .. منبوذة
ولكن هنا تتجلى على عرش القلب والحزب والجريدة والحكم
وها المحيط تنظر إلى اليمين تراه ، وإلى اليسار تراه
المياه الزرقاء هناك .. وحمام يعرف أنه لن يذبح
فيمشي بكل غطرسة بين الصفوف مفضلاً السير لا التحليق
لأنه يعلم أنه لا يوجد جائع أحمق هناك ولا لص غبي


حتى الشحاذين .. أكثر فناً من مدعي الفن هنا
أكثر أدباً وبلا لزوجة تـُذكر
تنجذب إليهم أنت بإرادتك الحـُرة لتسمع عزفاً مجاني لم تسمعه من قبل
يجعل روحك تصغي لشحاذ فقير ممتليء بثراء الفن
لعل روحك تستطعم بعض الأطعمة باهظة الثمن ولو مرة
هناك النظام عفوي ومستفز جداً لعشوائي مثلي
أتى من شعوب عشوائية إلى حد النخاع

إشارات المرور الحمراء هناك حمراء بحق
تسمر السيارات في لحظة مهما كانت سرعتها
والخضراء .. وما أدراك ما الخضراء

الخضار هناك يعني الكثير ..
يبدأ بالغابات التي تلاحقك كل خطوة
وكأنها المخبر الخصوصي المـُكلف من أمن الدولة بمراقبتك ليل نهار
شاخصة إليك ليست كبله المخبر بل كحبيبة عمرك
وتنتهي بالعيون المـُلقاة كالنجوم في الأحداق
مروراً بإشارات المرور الخضراء التي بلا عسكر يفسدها
كما أفسدوا كل شيء قبل إشارات المرور هنا

وأطفالهم .. وما أدراك ما أطفالهم
حتى صراخهم غير مزعج .. بكائهم لا يتعدى على خصوصيتك
مولودون بجينات تقدس الحريات الفردية .. حتى حق البكاء 
وأيضاً حق الآخر في ألآ ينزعج بضوضاء طفل
هناك لا طنين ولا لزوجة لذباب القطيع
ولا ميكروفونات تغتصبك رجلاً أو امرأة أو طفل أو حتى حيوان كل لحظة
دون تمييز في النوع أو في الجنس
ولكن هنا الصراصير هي الوحيدة التي تعيش عيشة كريمة .. والذباب مازال يكافح !!



الكلاب والخيول .. وما أدراك ما الكلاب هناك وما الخيول هناك
-       أعرف صديقاً لو كان معي لتمنى من رب العالمين أن يسخطه كلباً أو حصاناً هناك –
يعاملون الكلاب هناك ، كما نعامل المديرين هنا بالسمع والطاعة
كل شيء هناك متوفر وكأنك أصبحت فجأة جني مصباح علاء الدين ..
أو علي بابا ولكن بدون الأربعين حرامي لأنك تركتهم هنا
بالحق .. هذا هو مجتمع الوفرة
الآن أدركت ما قاله لي صديق قديم أن هناك تسكن الجنة
وأدركت أيضاً أننا هنا نسكن النار
ضوضاء .. وعشوائية .. ولزوجة .. وتطفل
تلصص .. وسرقة .. وشتيمة .. ورشوة .. ونميمة
ومسح جوخ .. وكبرياء أجوف .. واجترار كلام فارغ
بطالة وفساد .. وماء ملوث .. وغذاء مسرطن
أهلي وزمالك بلا كورة تـُذكر
وهلال وصليب دون وحدة وطنية تذكر
وسؤالي الأخير …..
نعرف جميعاً أن الإنسان خلقه الله
وسؤالي : أي إنسان .. إنسان هناك أم الكائن اللي هنا ؟؟؟؟



الإهداء ..
لأمي .. رغم أنها ليست أجمل نساء العالم
ولطفلي .. رغم أنه ليس أذكى أطفال العالم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق