الثلاثاء، 26 فبراير 2013

على مهل


الإهداء ..
إلى الخسارة التي علمتني الكثير ومازالت



من يحمل كل هذه الكنوز البسيطة في داخله
بلا رياح تقلب الموائد ولا تطفيء الشموع الراهبة
بلا حواجز أو سدود كالأطفال الساجدة .. المـُحلقة كالملائكة
من يحمل كل هذه الكنوز البسيطة في داخله .. لا يهلك أبداً
مركبة .. وطوق نجاة .. وحضن مثالي مكتمل كالدائرة
على مهل وأنت تسحب بساط البحر من فوق روحك اليابسة
على مهل وأنت تزرع قمراً وياسميناً أسفل قلبك الحجري
على مهل وأنت تقرع باب جنة فقيرة الأشياء .. ثرية الكينونة
على مهل وأنت تشك ..
فتقتلع جذور إيمان يحمل ثمار الروح وشوك روحك
على مهل
فمن يحمل هذه الكنوز البسيطة ليس مـُتاح كل يوم
ولا مـُلقى على قارعة العالم
ولن تجرفه إليك أمطار الشتاء
رأيت القارب .. نعم
أنه رائع .. أجل
هلموا ورائي .. فنغرق
فلنغرق إذاً على مهل
لعله يأتي في الهزيع الرابع !!


طبول الحرب .. ورقصات البرد



يسألونك عن البوح
فتجيب بصمت مبهج
يسألونك عن النوح
فتجيب بشبق مبرح يعلن كل الباقي من مطر العين
ويجسد قلب لحمي .. لا ينبض
يضخ المد والجزر بروحك
تتشقق روحك
يتسرب منها الحلم الآتي
على شوك .. أو بين مسام رمال البحر
أو فوق خريطة كفيك
ليذوب ثلج القطب ..
وليترنح كأس عشائك الأول والأخير
ليترنح



قل .. نعم
لا
قل .. حاضر
لا
اركع كعبد .. لا
اصمت كأخرس .. لا
اخنع كالقطيع .. لا
اسبح كسمكة ميتة مع تراث الأمواج .. لا 
أسكن كالصفر مع أعداد الليمون .. لا
تسمر كلوحة صفراء على جدارنا الرمادي .. لا
كرر كالببغاء كالأمم ... وتلون كالحرباء .. لا
مطرود من جنتنا .. طـُظ



طبول الحرب .. ورقصات البرد
ونوافذ لا تفتح لبنات الليل
كلص يأتي يسرق
نجوم لم يخصيها الله
ولم تخص أنفسها


فلنغني إذاً .. عندما نتوجع
فنقوم إذاً .. عندما نكفن
فنهرول إذاً .. عندما نسجن
فنكون إذاً .. عندما يتأكدوا
أنه تم التبحر ثم التلاشي ثم الفناء
فقد مات وقت الغناء


مرسمي الخاص .. ومدن لغيري




تعودت في أرض الغربة

أن أبدع وطن .. وان أخلق إنسان
في أرض المنفي .. شهوتي تنحت أوطان
وخرائط لم تصنع من قبل
أجسد مدينتي بعيدا
عن أيدي الشرق .. أو الغرب
بعيدا عن زهرة الصبح .. أو الرب
خرائطي لا تقلد .. ولا تمسخ
وللأسف أيضا .. لا تدوم 

لم يعثرني البوار يوما
عن صنع مدينتي
ولم تسمرني الهموم
ففي قلب البوار والظلام ..
أسترشد بالنجوم
وبقمري الذي لم يبخل لي يوما
ولم يسلمني للضباب أو للغيوم
أسترشد بجرأتي
وبجروحي التي تنزف قيامتي
أسترشد بخطيئتي وبفرحتي
أستيقظ من الصباح الباكر
أفتح نوافذي .. وأدخل مرسمي
وأنفخ من روحي في طينتي
فتتحول إلي مدينتي ..
أبرع جمالا من رسمتي
أطعمها .. وأسهر طول الليل أحاكيها
وطن في منفاي .. أناديها
وفي وقت الصلب .. أكون الآب أنجيها
من قبلي لم تكن .. كانت خربة وخالية
وموحشة جدا ..
من قبلي لم تعرف طعم البُن
ولا كيف يكون الصبح ..
ولا كيف يعزف الليل
ولا كيف ترافقها القصائد
ولا كيف تدغدغها الحرائق
من قبلي لم تعرف كيف التحليق
.. أو حتى الطيران
من قبلي كانت كلمة بلا معني
وتر بلا لحن .. سماء بلا مطر
من قبلي لم تعرف معني الخطر
والآن أشيدها .. أُحَضِّرها
أداعبها قبل العُرس لغيري
لتكون أكثر جمالا .. أكثر دفئا
أكثر معني .. لغيري
أنا هكذا منذ الأزل
أخلق من العدم وجودا .. لغيري
وأخلق له جنة ..
وأراه وحيدا يحتاج لغيري
فأداعبه وبخفة يد ..
وفي أقل من لحظة
أوجد له معينا نظيره
معينا له يكون ... غيري
لا أنتظر منه شيء غير العصيان
والانحراف بعيدا عني
أحزن عليه .. وأبتسم
لأنها سنة الحياة
وأراني .. آخذني برفق
نحو مرسمي وليلي
ومنحوتاتي التي لا  تنتهي
لكي ابدأ من جديد ..
في خلق مدينة أخري .. لآخر غيري
فرحة أخري .. لحزين غيري
دواء جديد .. لمريض غيري
إله جديد .. لكافر غيري !!

الاحباط وهيروشيما




في بعض الأحيان

يصيبني الإحباط في مقتل !!
وأراني ارتشف سفر الجامعة كله
وكأني أقبض علي الريح بكل مسامي
بكل أصابع يدي وأفكاري
وكأني أقبض علي الريح بأحلامي
باطل الأباطيل !!
تصارعني في هذه اللحظة
كل الرمال المتحركة
والأراضي الثابتة أسفل قدمي ..
تصارعني !!
ملامح الغباء في تحفي
وبعض الملامح الأخرى
التي أحببتها .. تصارعني
وكأني أشطر نصفين
ما بين عدم الموت .. ونسمات الحياة
ما بين عبث الحياة .. وحقيقة أوهامي
أشطر نصفين
أشعر إني القاتل والمقتول
العابد والمعبود
العاشق والمعشوق
تنشطر الآن ..
رغم أنك تهوي من تهوي
أين من تهوي ؟!
تحارب وحدك
نعم كرهت الغباء ..
وكرهت الكلام الكثير ..
والفعل الكثير أيضا كرهت
شيء ما يجعلك في لحظة
تكره الخير لأحبائك
تكره خيرك أنت
تكرهه عندما يتحول إلى خير مبتذل
عندما يتحول إلى خير يضاهيك
ملعونة المعجزة التي تخلقها ..
فتنفيك
ملعونة اللوحة التي توجدها ..
فتفنيك
ملعونة حبيبتك
أن لم تقدر وقت صليبك
.. أن تفديك
باطل الأباطيل
ترهق قلبك بالأحلام
تسهر طول الليل
تنزف القصائد وترسم
وتصنع قنابلك الموقوتة

حيث هيروشيما
التي هي أنت
هيروشيما التي أحببتها .. فدمرتك
هيروشيما علي الصليب تنزف
ولا أحد يدري .. بها
 فقط الأغبياء حولك
من ينكرك أمام جارية
ومن يبيعك بأرخص الأثمان
كفاك أغبياء ..
الإحباط يصيبني في مقتل
وهيروشيما مازالت تتدمر
ولا أحد يدري
فالأغبياء هم الأغبياء

فنجان القهوة .. وذكريات مقدسة




ذكريات مقدسة .. وأيقونة شوهتها عوامل التعرية من الخارج
ولكن من الداخل طهراً لا حد له
وبراح تخلع نعليك قبل أن تطأه روحك
قبل أن تلمس أناملك هدب شواطئه
الغارقة في النور



فنجان القهوة .. يتعارك طول الليل مع قمر
مكشوف الظهر لجـَلد الشعراء
وقلم سحري .. يشق النهر الأبيض
للأوراق .. نصفين
نصف في الفردوس .. ونصف في الهاوية


وجه طفل .. قد تعود الاحتلال
وأرض .. مهما فعلت لا تجيد فعل الوطن
وحرباء .. تلبس رداء أسود لتشابه آب اعترافك .. فتعترف
وكمال .. مليء بتيه البرية وشبق الضلال


الآن .. الآن .. الآن
لا يفارقك الوحي
ولا تفارق أنت ظله
وحي مـُحرف .. احتمال كبير
حروف تساقطت عليك صدفة من الآلهة القدر .. احتمال أكبر
ولكن .. ما تدركه بحق
أنه الآن


دور الشهيد .. دور الضحية
دور التائب .. دور الممسكة في ذات الفعل
دور القاتل .. دور السفاح
دور الكاهن .. دور الراجم
وجهي عملة الممثل الساذج
على المسرح العبثي المكشوف


صراع الحضارات .. خنادق الأيديولوجيات الهشة
التي لا تقوى إلا على العراك فقط
ونخبة محنطة على أرفف الكتب العتيقة
وصالونات ثقافية مازالت تتخيل وتشتهي الوجود
وبراعم تهرب .. حيث الظلام الثائر .. الذي له طعم



حكومة .. ومعارضة .. وبينهما شعب طازج
طازج كالمائت حديثاً
يأكل ولا يأكل .. يشرب ولا يشرب
يوافق ولا يوافق
ينتخب ولا ينتخب
يعارض ولا يعارض
مائت .. نعم مائت


لا يوجد أسهل من تغيير .. !!


يوجد أسهل من تغيير .. !!
حرية الاعتقاد بين أحمر الشفاه والعدسات اللاصقة




لا يوجد أسهل من تغيير لون حوائط بيتك الرمادية والمألوفة
ولا يوجد أسهل من تغيير ألوان ملابسك العتيقة
مع فصول السنة الجديدة البكر
ولا يوجد أسهل من تغيير تسريحة شعرك المجعد والمرتبك  ..
ولون أحمر الشفاه الأهلاوي .. وأطياف العدسات اللاصقة والحربائية جداً
ولا يوجد أسهل من تغيير تصريحات المساء المضاءة بهالات القمر السرابي
ولا يوجد أسهل من تغيير المعتقدات اللزجة والأفكار الضالة
في بلاد العيون الخضر والشعر الأصفر
وإشارات المرور الحقيقية والتحضر المستفز
ولا يوجد أسهل من تغيير قنواتك الفضائية الفضفاضة
وأنت مـُلقى على ظهرك في الهامش بجدية قنفذ
ولا يوجد أسهل من البحث عن معلومة ما – ربنا يخليلنا النت .
أو أن تصنع مدونة تبوح فيها بكل تخاريفك
وأحلامك وهواجسك بكل جسارة فارس غيّـر اسمه
حيث الـ Nickname  أو الـ Name  لو كنت ستكتب ما سيطلبه الإخوة الأعداء
لا يوجد أسهل من تغيير ملامحك
أنفك يمكن أن يصغر كالنبقة ..
ولون بشرتك يمكن أن يبيض كالثلج
كل شيء هناك ممكن ؛ وبعض الأشياء هنا ممكنة
ولكن المستحيل الذي لا يمكن ان تغيره هناك
أو أن تغيره هنا
بسهولة ويـُسر
أو بصعوبة وعـُسر
هو أن تغير قلبك الحجري .. فيصير قلباً لحمياً
أن تغير ضعف نظرك فيصير 6/6 سهل جداً الآن
ولكن ان يكون لك وجهة نظر لا تهاب
عمى القطيع .. وضلال الإرث .. فهذا صعب للغاية
أن يسمع الطرشان فالعلم قادر الآن
ولكن أن يصغوا .. يتحاوروا
بعمق دون إقصاء أو تكفير أو تخوين فهذا صعب للغاية هنا
أن تقرأ الفنجان .. أو تداوي بخرافة البداوة متاح جداً هنا
ولكن أن تـُشخص الداء
وتدرك الأسباب .. وتقرع أبواب المعامل والمختبرات
وتخلع نعليك في محراب العلم شيء آخر
أن تصرخ .. وتزيد صوت النباح صدى
وبوار الوطن فدان جديد
وتلوث النيل ببلاهة منقطعة النظير
تقدر أن تصنع كل هذا .. كل يوم
ولكن أن تتحول الشفهية إلى ثقافة
ومعجزة الكلام إلى حقيقة فعل
وتكرار الببغاء إلى تفرد مبدع
هذا ما نحتاجه .. ما نطوق إليه
ما نشق الصخر للبحث عنه
ما نقرع لأجله أبواب الأسئلة لتجيب إجابات غير مبتذلة
 ما نعبـُر لأجله برك الآباء بخفة الأيائل لننتقل مباشرة للبراح الذي لا يـُعبـّر
فتـُغيركم بحق .. أكثر أولوية من تغيير خانة الديانة .. وترميم دورات المياة
فكم رشوة وضمائر أدراج مفتوحة معلق عليها " هذا من فضل ربي "
وكم لص يسرق كل لحظة وطرفة عين
" ويدعو الله أن يستر "
وكم توبة مكررة تمسك بهدبها خطيئة مكررة
وكم قناع دبلوماسي يفيض من مسامه السم ونحن نلعقه بكل شراهة
وكم جنة ندخلها لنسقط من جديد
وكم .. وكم .. وكم
ولذلك " كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم " غاندي
كن أو لا تكون ليست هي المشكلة
بل هي المصيبة الكبرى


ملائكة الأمس .. أبالسة اليوم



لا يوجد أقبح من أبالسة كانوا ملائكة في يوم من الأيام
لا يوجد أقبح من جنة سقطت في فخ الإغواء
فصارت خربة وخالية وبلاء
لا يوجد أقبح من حضن ألقيت بسرائرك فيه
فصار تاج شوكك وخنجر في صليب دماك
اندم .. وأنت مفتوح العينين
اندم .. وأنت منتصب القامة
فملائكة الأمس هم أبالسة اليوم
ورفاق الأمس هم صليب الغد
فانزع الآن كل الرسومات التي شيدوها على جدران قلبك
وغير لون الحوائط 
وحرّف حروف العهد القديم
وقم عند الفجر من بين أيديهم وأنيابهم
من بين خناجرهم وجرادهم
قم .. أخضر كالصبار
منتصراً كالنخيل
مهرة لا تقتنصها عين شريرة
واترك لهم الرداء .. والميل الآخر
والعين .. بعينهم
والسن .. بفراغهم
ينهشهم فراغهم
يحترقون كالقش .. فيشبعهم الفتات
ماء مالح يروي ظمأ مشروخ بجفاف العطش
اتركهم .. يزرعون ما يحصدون
يرجمون قديسة الأيام الأخيرة
يصلبون المسيا المنتظر بدم بارد
يهمسون في أذن الأفعى بوشاية باراباس
اتركهم يواجهون وحدتهم .. وحشتهم
ونداء أخرس عن منقذ باعوه بأرخص الأثمان
تركوه .. وضلوا إلى الأبد
اتركهم .. من يريد أن يشرب كأسك فليشرب
من يريد أن يأكل جسدك فليأكل
فها الياسمين وغصن الزيتون
والنافذة السمراء
اختفوا .. رحلوا
وتركت لهم شوكهم الذي زرعوه
بظلام العرق
وطعم الفراق
ولكنك في الخفاء تصرخ لأجلهم
اغفر لهم
اغفر لهم
اغفر لهم