الاهداء
إلى الجنون الذي لا
شريك له
الجنون يغيب ويغيب ويظهر فجأة
بلا مقدمات تذكر ..
بلا قرع أبواب ولا صوت أبواق
يحارب بلا طبول حرب
يسالم بلا غصن زيتون ولا حمامة سلام
كالبرق يظهر بلا صوت رعد
يشق ظلام الهاوية المخيف
بضوء رفقة بنسيم حميم
وفي نفس اللحظة تجد آثار أقدامه على
شواطيء الفردوس
مهرولة كألاعيب الأطفال
في صمت الكل هو الوحيد الذي يجاهر
في خرس الجمع هو الوحيد القادر على الغناء
وفي بوار الأرض هو بكاء السماء
الجنون ليس له أسباب نزول في عيون القطيع
أسباب نزوله في عينه هو فقط
لا يعرفها إلاه
لا إنسان .. لا إله
الكل ينظر للجنون كما ينظروا لمجنون
يعيرونه كل الإنتباه .. وهم بشعرونه
باللاانتباه .. باللاانتماء
يتهامسون عليه في محضره
وكأنه لهم مـُصغي
وهو غير المصغي إلا لحلم جنونه
لحريته المـُفرطة
حلمه اليدوي .. المنحوت على صورته
الغير مشابه له .. المـُكمل له
نصف أبجديته الضائعة
وحيه الضال
مرآة سحابته الشاردة
الجنون لا شريك له
ليس له مثيل
كلي الحضور إذا حاربت وجوده
وكلي الغياب إذا حاولت أن تتصنعه
لا تصطاده الفخاخ ..
فهو المـُحلق
ولا تصيبه التجارب في مقتل
فهو المـُشفر عن عزرائيل
يخرج من بين أيديهم ومن خلفهم
يخرج ليكون خارج فـُتات أحلامهم
خارج لـُعاب ترغيبهم .. أو جلاد ترهيبهم
الجنون طفل ليس ككل الأطفال
بريء ليس كبراءتهم
عفوي ليس كعفويتهم
جريء ليس بحماقة جرأتهم
في شبه الأطفال .. شبه لهم
في شبه الحكماء .. شبه لهم
هو منهم ولكنه ليس شبههم
يقطن نفس الخريطة .. يسكن نفس البناية
يتكلم نفس اللغة
أبجدية تحمل حرف حربائي
حمال أوجه .. وحما أقنعة
الحرف يقتل .. والروح تـُحيي
لمن أراد للروح أن تحيه
الجنون يـُحيي
يـُحيي ويـُميت .. وهو على كل شيء أراده
قدير
قال كـُن يوماً لنفسه .. فكان
حلم بالنار فكانت
زرع وردته .. وبني داره
وأنتمى
رأى القمر فعشقه .. فصعد إليه
غنى له .. وكتب فيه قصائده
ورقص اسفل ضوءه رقصته البكر
بكارة لا يفض غشاءها غير راقص مـُحترف
الجنون علامة استفهام كبرى
تبلع كل علامات الإستفهام
وتجعلك تواجه إجاباتك
أو ما كنت تظن أنها إجابتك
ثوابتك الهشة
فينشق الحجاب عن بصيرتك
فتكتشف سراب حقيقتك
وحقيقة سرابك
الحق المطلق .. صك الغفران
ملاك يمينك .. ملاك يسارك
طواحين أرواح شريرة .. وانتصاراتك الضريرة
وهزائمك المـُبكرة
وجوعك الأرضي لمن سماوي
وحلمك السماوي لفـُتات ترابي
وتضاد كنزك .. وقلبك
ضلالك .. ودربك
ضعفك .. وشيطانك
صنمك .. وربك
الجنون يجمع اقطابك .. أضدادك
مدك .. وجزرك
ليلك .. ونهارك
الجنون يأتي إليك بطبق من ذهب
عليه تواضعك
تأخذه بين راحتيك .. تحتضنه
تتشربه مسامك
" كالأسفنجة تمتص الأحلام ولا تسكر
"
حان الآن لتسكر بهذا الخمر الجيد
ولتغرق .. بهذا البحر الجيد
ولتحرق .. بهذا الحطب الجيد
سكر .. وغرق .. وأحراق
جنون ثالوثك .. وثالوث جنونك
الآن .. تترك راحتيك بين راحتيه
نن عينيك .. في نن عينيه
تستودع نبضاتك في قلبه
ولترقص فيه وبه وله
حان الآن وقت الرقص
الرقص فيه وبه وله
والسـُكر فيه وبه وله
والشرك فيه وبه وله
حان الآن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق