الأحد، 17 مارس 2013

الإنسان سجين تصوراته



لم يقل كـُن ليخلق في البدء
ولم ينحت من الطين ملامحمه وجوهر أنثاه
ولم ينفخ روح يجهلها
ولم يلمس هدب حلم لم يهواه
سجين لا يحلم إلا بصوت العسكر
وخيالات زنزاته الصدئة
وصدى لزفير أعياه
وللحظة افراجه وتحليقه في الفضاء الخارجي
وصدى خوفه .. سجنه الأول والأخير
يحارب طواحين هوائه .. يهزم مرة .. وينتصر مرة
كر كصياد مرة وفر كفريسة مرة
مد لترغيب مرة وجزر لترهيب مرة
في البدء خاف موج البحر .. ورهبة الغرق
فأله خوفه .. وأله جهله
وقدم قرابينه للبحر الإله
لكي يرضى عنه الطوفان
بمعجزة فلك أو طوق نجاة
خاف الليل وعشق القمر واهتدى بنوره
ولم يضل الطريق
فشكر القمر وقدم له فروض الولاء والعرفان
حلم بأبيه الذي مات .. وبصوت أجداده
وبوجه أم أحبته إلى المنتهى دون كلل
رآهم في المنام فأقشعرت روحه .. وسكب الدموع لارتحالهم
وانتظار مجيئهم وأتوا على السحاب في الأحلام
فتشفع بهم .. ولهم
وافترسته حيوانات البرية .. فروض من يقدر أن يروضه
واستأنس ما يـُستأنس
وإذا كان لديه حاجة عند كلب ما قال له يا سيدي
وقسم العالم عبيد وأسياد
امتلأت حياته بالتوسلات والطاعة
والأيقونات والأوثان وقدس مكان هنا وزمان هناك
وحلم الجائع بسوق الخبز
وحلم العطشان بنهر ماء
وحلم الترابي بالسماء
وغزل من جهله خيوط خرافته
وتطورت ونضجت خرافته
فولدت اسطورته أبن شرعي للحاجة وللأحلام
ملأ بها جعبته
وزرع بها أرض بواره بالكرمة وشجر الليمون وشجر الحرمان
وجعلت منه خروف ضال  .. 
وخروف يكون أو لا يكون ..
وخروف قربان
وتراكمت خبراته وخيالاته وأحلامه ومخاوفه وهواجسه
عبداً مجهول يعبد في معبد مجهول إله مجهول
مجهول يلد مجهول يشتهي المعرفة
وكماً يلد كيف لعله يرى ما لا يـُرى بالعين المجردة
لعله يهرول على سطح القمر
لعله يثقب ثقب في جدار الموت اللعين
" لعل النور يمر للأجيال
فنتحرر .. نتحرر
ويصبح الإنسان لمرة واحدة مسئول
قدرنا أن نكون أحرار .. ولدنا أحرار
نحمل نير الحرية الثقيل على كاهلنا منذ البدء
فنزرع الأرض .. ونشق البحر نصفين لمراكبنا الشراعية
وننحت تاريخنا .. ونبني بيوتنا
ونحلق كالعصافير بطائرتنا
ونصعد للقمر بمركبتنا الفضائية وليس فقط بأشعارنا
ونشفي المرض بدواءنا
ونفتح أعين العميان بطبـِّنا
ونطلق الأسرى أحرار بحقوق إنساننا
نحب ونعدل .. نتحضر ونرتقي .. ونتطور
لنسبح في نهر المجهول كل يوم
بجرأة لا تهاب شيء أو أحد
ليتقلص جهلنا كل يوم .. وتزيد معرفتنا كل لحظة
لتتبخر الخرافة أمام العلم
ولتنطفيء هالة الأسطورة الفوسفورية المطلقة
أمام جمال الحقيقي النسبي 
" اعطوا ما للأسطورة للأسطورة .. وما للعلم للعلم
وليمسك العلم بأيدينا ليجسد الأحلام
ليجعل كل خيالانا قابل للتحقق
فنقول " لا " في وجه من خافوا قديما وقالوا " نعم
ونقول " نعم " للرقص على كل الخطوط الحمراء
والمناطق المـُلغمة والمسائل المـُشفرة وسرائر الكون
من الآن فصاعداً المستقبل ابدع من ماضينا السحيق
وأطفالنا وأحفادنا أجمل منا ومن كل آباءنا وأجدادنا
فبالحق .. يوجد في الإمكان ابدع مما كان
أبرأ مما كان
أجمل مما كان

أفضل مما كان 

هناك تعليق واحد: