الإهداء ...
لأرض السقوط التي منحتني وحياً مـُحرفاً
وحي سماوي كلي الكمال
لا يأتيه الباطل أبداً
لا يحمل نمنمات ذرات ترابنا
ولا دروب دوامات ضلالنا
مرصع بالنجوم وباللآليء
وبمعجزات تشيب لها الولدان
لا يحمل ألعاب الولدان .. لا يفقه صراخ
الأطفال
لا يدرك عمق سماء معتمة وحيدة
بلا حتى نجمة واحدة مـُضاءة
وحي معصوم ربيعي الفصول
ما أدراه بخريفنا .. بإصفرار أوراقنا
بذبول أرواحنا .. بخرفشة ورق العمر أسفل
أقدامنا
فلوحي الشريعة لا تحمل خامة من خاماتنا
كما يقول
أو لعلها تحمل كل خاماتنا .. ذروة
إبداعنا
وحي مـُنزه من الخطأ
وسؤالي : أمن يـُنزه عن الخطأ .. ألم
ينزه أيضاً عن الصواب ؟
عن ضعفاتنا المـُبهجة .. وخطايانا المتواضعة
وشجرة سقوطنا المتكبرة
يا كاملين .. يا حاملي قرص الشمس
وعلى أعينكم عصابة
أقدامكم تدوس براعمنا بدم بارد
وأنتم لستم هنا ...
أنتم هناك في السموات العـُلى ..
فلتبقوا
واتركوا لنا ما تبقى من وحي التراب
من أسباب نزولنا للهاوية
وصعودنا لفردوس نزرعه فنحصده
دون تسول .. دون إكراماً منكم ..
دون رحمة بلا قلب
تكيل بمئة مكيال
رحمة لها مزاجها الخاص لا نعرفه ..
نجهله
وغضبه لا نأمنه
اتركوا لنا وحينا المحرف غير المعصوم
وغير المقدس وغير المـُنزه
اتركوه لنا
يكفينا قلبه اللحمي
وأحشائه التي مازالت تتحنن
وتتمخض تلدنا من جديد
اتركوه لنا
فمازالت بصيرته بوصلته في كل طوفان خاص
بنا
يكفينا أنامله الباردة في الصيف
ودفء حضنه في شتاءنا الدائم الظهور
اتركوه لنا .. وحياً غير كامل
ناقص .. ترابي .. نعرف أن نفك شفرته
البسطاء منا يعرفون .. والفلاسفة يدركون
.. والفاهمون يضيئون
يا من تحبون الكمال ارحلوا
هنا أرض النقص .. حميمية التراب للتراب
سقوط يجذبه السقوط لحضنه
وسقوط يطلقه السقوط لتحليقه
وحياً ليس كلي الآهات
ليس كلي الضمان
لحظة .. قدميك راسخة في الصخر
ولحظة أخرى يسحب منك بساط شاطئك
من أسفل أقدام روحك .. فتغرق
وبين جـَزر الرسوخ .. ومد الغرق
بين فجر الحضور .. وليل غياب الأرق
بين دفء الحميمية .. ووحشة الوحدة وغرق
طوق نجاة الغرق
بين ضفتي مسمارين .. ولوحين .. وجسدين
.. وروحين
وحياً مـُحرف
وحياً ترابي
وحياً غير مقدس
وحياً غير مـُنزه
كلي النقص هو
كلي التواضع هو
ألطموه .. لن ينطق
احرقوا ذكرياته .. شوهوا تاريخه
يا كاملين .. يا من تتهموه إن وجهه قناع
من وجهه قناع .. كيف يكون قناعه زيف ؟!
أعرف أن وحيي غير المعصوم لا يعجبكم
لا يبهركم.. لا يرهبكم
فوحيي ليس له نهدين للترغيب
ولا ساقين عاريتين .. يسيل له قذف
لعابكم
لا منظر له لتشتهيه أنت .. أما أنا
فأشتهيه
وحي بسيط تؤمن به .. أو تكفر به .. دون
خوف البتة
لن يقطع أوصالك .. لن يشوه سمعتك
لن يغتال غيبتك .. لن يهدم على رأسك
دارك
لن ينفيك من وطنك
لن ينزل من السماء ناراً تأكلك
أو طوفان يغرقك
ولن يميت لك أبكارك
وحيي المحرف .. يغفر لك .. يسترك
أو يتركك ويرحل لخفاء بعيد
سينظر إليك من بعيد .. نافذة تطل عليك
على سدوم وعمورة .. على مدينتك من بعيد
..
سيبعث لك بعض الرسائل من مجهول
لأنه يعرف أن حروف اسمه تؤرقك
وبعض الورود الصفراء .. ليعلن أنه مازال
يغار عليك
غيرة بيتك أكلتني .. غيرة حلمك أكلتني
وحيي المـُحرف .. مرصع بوريقات البردي
وبفرشاة ألواني
وبعض ألعاب طفولتي
وبعض أدعية أمي
أنامل أبي .. أسباب نزولي
وألحان قد أرهقتني
ولوَّح قد سمرتني
وأيقونات أضئت لها الشمع
وسجدت لها سجود العرفان وأقامتني من
جديد
وجوه رفاق لا يمكن أن تنساهم
ينتصروا دوماً على مرض الزهايمر فيك
وأسوار قد تخطيتها .. وخطوط حمراء رقصت
عليها
وألغام من الإجماع لم ترعب فيك التفرد
وحيي المـُحرف غير المعصوم وغير المقدس
وغير المنزه
وحيي الترابي الساقط المدنس
البريء الجميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق