الثلاثاء، 26 مارس 2013

طوبى لمن يعثر فيك


الإهداء ..
لكل من توهموا أنهم يعرفونك جيداً


كل هذ الأمطار التي أغرقت أوطان لحمية تنبض
من يعرف أنها فتات من غيثك المتأخر ؟
كل هذه الحرائق التي أضرمت في غابات الوجد
من يعرف أنها قطع من الجمر تعد على اصابع يدك الواحدة ؟
كل هذا الوحي الذي قدس ملايين من الحروف
ورصع بها كالماس صفحات الكـُتب على الأرصفة
من يعرف أنها عربون قطرات حبرك ؟
المخبأ في نهر مدادك الذي لا يـُعبر
كل هذا الإحتواء المليء بقدس أقداس الأمان
من يعرف أنه ظلال حضنك ؟
هذه الوردة التي لم تذبل إلى الآن
ومازالت تفوح ببصمة عطر لا يتكرر
كم غصن لديك منها .. وكم وردة تفوقها مخبأة لديك ؟
وقطعة الموسيقى التي أهديتني ..
لازالت تهديني في كل ضلالاتي إلى الآن
كم سيمفونية لا شريك لها لديك ؟
وهذا التمثال الذي نحته ويشيعون أنك نحته على صورتك
في اتيليهك .. كم تمثال لديك ؟
هل هذا بخل العطاء ..
أم أننا غير قادرين على المليء .. غير قادرين عليك ؟
كل هذا الانبهار الذي أتى عليهم
وجعلهم كالبنيان المرصوص .. من غرفة واحدة
من شمعة واحدة .. من لوحة واحدة
من قصيدة واحدة .. من سيمفونية واحدة
من تمثال واحد .. من رواية واحدة
من نظرة واحدة .. من لمسة واحدة
من عطر واحد ..
من أغنية واحدة
من رقصة واحدة
لا أعلم ما أتعس .. أو ما أجمل الرشفة الأولى
التي تجعلك عطشاناً إلى الأبد
والممنوع الذي يجعلك مغامراً إلى الأبد
والحلم الذي يجعلك فارساً إلى الأبد
لا أعلم ما أتعس .. أو ما أجمل الوجود الذي يلقي بك مفتوح العينين في الأبد
طريق طويل وشائك
واضح ومضبب ومعقد وبسيط .. أنت
نهر للسباحة وللغرق .. للإرتواء وللعطش
للشتاء وللطوفان .. أنت
نار للتدفئة وللإحراق .. للترغيب وللترهيب
للعكاز وللبصيرة .. أنت
كل من حولك مازال يتلعثم عندما يقرأك
عندما يحاولون فك رموزك .. تصبح مـُشفر أكثر
إلا في عين طفل
كلي الوضوح أنت
مجهول .. أم مـُعرف كما تدعي
حاضراً .. أم غائب
حلم .. أم سراب
أعرف أنه لم يعد يعنيك كل هذا
لم تعد تكترث كما الماضي
أصبحت أكثر سخرية واقل إجابة
واحترفت نحت الأسئلة
أعرف الآن أنه لن يجوع من حولك ..
إلا من يدرك عمق مخازنك
قمحك الغائب عن أعين الغربان
وأحلامك الكامنة في الظل كأطواق نجاة منتظرة الغرقى
أن يقرعوا الأبواب .. أن يسألوا فيجدوا
حتى إن وجدوا لديك لسؤالهم سؤال
سيكون سؤالك بطعم الخبز الساخن المـُشبع
سيقويهم .. سيعضدهم على إكمال الرحلة
سيجعلهم أكثر استبصاراً من ذي قبل
من سيصمد للمنتهى دون أن يتعثر فيك ؟!
وانا أراك .. أنت تتعثر فيك
ولكنك تتعثر فتتعلم .. تهزم فتنتصر
تسقط في الفخ .. فتحرسه
تأكل من شجرتك المـُحرمة فتجعلها ضريحك
حتى يهوذك .. يخون مسيحك بكل حـُب واتضاع
ما أجمل عطش الأحلام وحرية الجياع
فتفردك كم يـُتـَوِجه الإجماع
فلا ترجم أحد
ولا تغفر لأحد
يكفيك أنك هنا .. ولست هنا
حميمي .. ومحتجب 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق