أجمل ما في الأطفال براءتهم .. على ما
أظن
لا .. أجمل ما في الأطفال عفويتهم
على كل ما هو تقني .. على كل ما هو
مرسوم مسبقاً
أم يمكن أن يكون أجمل ما فيهم ألعابهم
.. الخرافي منها والمـُسبب
أم شقاوة عيونهم المستفزة لكل ما هو جميل
وسرعة بديهتهم في ردود لم تمر على مقص
الرقيب .. ولم تشمع بالشمع الأحمر
أجمل ما في الأطفال شكهم المستمر
وبحثهم الدؤوب على إجابة تروي ظمأ العطش
البكر .. العطش غير الملوث
العطش غير الوراثي الذي لا يرتوي بسهولة
ويـُسر كما نظن
نحن الكبار المترهلون بإرث الماضي
السحيق
إيمان الكبار ميت .. مصاب بالسكتة
الروحية
الأطفال عطشى لكل ما هو آني .. لكل ما
هو حداثي
لكل ما هو عميق .. لكل ما هو مـُحلق
لكل ما هو حــُر .. لكل ما هو حـُب
لكل ما هو عادل
الأطفال .. أحياء متحركون
لا يقفوا عند نقطة ما .. صنم ما .. طقس ما
.. إجابة ما
ولا ينجذبوا لكل عابر سبيل
ولا لغواية
حمقاء .. ولا لرهبة اللعنة والقضاء
الأطفال
ينجذبون لألف الأرض وياء السماء
الكبار قديماً
هم الذين خافوا من جوع الجفاف
من الحيوانات
المفترسة .. من المرض المـُعدي
من البركان ..
ومن الموت
الكبار هم الخائفون
..
وهم الذين
اخترعوا كل المخلوقات السرابية
توسلاً مرة ..
واسترضاء مرات ومرات
تقرباً مرة ..
وتشفعاً مرات ومرات
الكبار دائماً
خائفون .. يتمتمون
يتضرعون ..
يتوسلون ..
يقدمون على
مذابحهم المخلوقة على صورتهم قرابينهم
لعل صوت الخوف
يخفت في قلوبهم
لعل أرواحهم
تطمئن لمخلوقاتهم السرابية .. وتطمئن لهم !
خوف الكبار ..
ومرآة خوفهم
شهوة الكبار ..
ورغبة فوزهم
أما الأطفال
فلا يخافون .. لا يهابون شيئاً أو أحد
موج بحر
يلاحقهم وهم يهرولون طرباً
أو خيال قمر
يظلل ملامحهم الملائكية
الأطفال يعرفون
أن ما يزرعونه سوف يحصدوه
وأن ثمارهم
تسقط عليهم بعد أن صعدت من بذارهم
الأطفال يرون
الجميع عرايا بلا ألقاب
وبلا هالات
وبلا مناصب
الملك في عين
طفل كالعبد
والحـُر
كالسجين
والمـُهرطق
كالقديس
عين الأطفال
كأسنان المشط
كميزان معصوم
لا فرق بين
أبيض وأسود
عربي وأعجمي
ذكر أو أنثى
الكل متساو تحت
مجهرهم
يعرفون الجميع
من ثمارهم
كالقش يحترق
عندما يلمس هدبه النار
والذهب يلمع
كالبرق كلما حاولوا احراقه
القش فاني ..
والذهب باق إلى الأبد
والشك إذا كان
خطيئة الكبار التي لا تغتفر
فالشك .. أجمل
ما في الأطفال
أقدس ما في
الأطفال
علامة استفهام
كالسهم تسكن قلب الهدف
وإجابة مرتعشة
تظل هائمة على وجه رمال متحركة
متغيرة مثل
الوجود
كهالة المطلق
التي نتوج بها كل ما هو نسبي
الشك هو من جعل
الأطفال يكتشفون كل ما هو جديد
كل ما هو أصلح
.. كل ما هو حضاري
الشك هو من كشف
زيف مـُهرطق ارتدى قناع قديس يوماً
الشك هو من
عرّفنا أن الأوثان لا تصغي ولا تتكلم
صماء بكماء
عمياء .. مهما أضأنا لها الشمع
وسكبنا على
مذبحها الطيب والدموع
فبخور أناشيد
الإثم .. كبخور أناشيد البراءة
الشك هو من
جعلنا نمتحن كل شيء ونفحص كل شيء
هو من جعلنا
نعرف أن المتهم بريء حتى تثبت الإدانة
هو من جعلنا
نصعد للقمر ونغوص في البحار .. ونقول لا لمخاوف الكبار
لا .. لسراب
الكبار
لا .. لضلال
الكبار
لا .. لإجماع
الكبار
الخوف للكبار
فقط .. والشك للأطفال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق