السبت، 22 مارس 2014

الراحلون


 

سوق الحياة  .. زحام وضوضاء .. ومد وجزر .. وصباح وليل 
وتاريخ حافل .. أخذ منك ما أخذ
وأعطى ما أعطى 
دوائرك تمتلئ وتفرغ 
بمن تخيلت أنهم راحلون 
وبمن لم تتخيل يوماً أو تفتكر أنهم راحلون
كل من لديه ما يباع ويشترى في سوق الحياة
يكون لديه زبائن 
يكون حوله جمعاً غفيراً
" ما أكثر الأتباع حين يوزع الخبز المعلم " – نجيب سرور
كم كان مع موسى وهو يخرج من مصر 
ويشق النهر نصفين 
ومن كان حول فراشه وهو يرتحل

من كان مع سقراط وهو يمشي في الطرقات ينيرالبصائر
ومن كان معه في سجنه                                                     

من كان مع المسيح وهو يشفي المرضى ويحمل الأطفال
ومن كان معه في جثيماني 

التاريخ يحكي ويعلم ويكرر 
لعل الفاهمون يفهمون .. فيضيئون
إن دوائر الغـُربة والرحيل تبدأ واسعة ومع الوقت تضيق
تربح وتخسر .. وتربح وتخسر .. وتربح وتخسر 
وهناك من يخسر ويخسر ويخسر 
إلى ان تأخذك الغربة خارج المدار
فتنسى كل ملامحك وأماكنك وناسك وجذورك وروحك
فتحيا في شبه إنسان أو شبه ملاك
شبه مـُتذكر 
لأنك لم تدرك أن الغربة كالصدأ تأكل صاحبها
وكالسوس تنخر عصارته 
فيذبل دون أن يشعر
ينزف دون أن ينتبه
فالقلب اللحمي يحتاج لدماء تضخ فيه 
ودماء تضخ منه
دماء من نفس فصيلته
تعرفه وتوبخه وتنقده وتعلمه وتتلمذه
من يترك نفسه للريح تزريه الريح
من يترك قدماه تضله يأخذ روحه معه
كم حرفاً حرَف معنى
فالثلج يمكن أن يحفظ أطعمتك
ولكن روحك من يحفظها ؟
والغربة حرباء مثلك 
أنت تتأقلم فيها 
وهي تتمدد فيك
تملئ كل اركانك 
رويداً رويداً
تطفئ شمعك المحلي رويداً رويداً
تغير شهور فصولك رويداً رويداً
وأنت كل يوم تنظر في مرآتك متشبثاً بملامح عرفتها يوماً
يوماً بعد يوم تتغير ملامحك
ما الفائدة ............. 
حتى هذا السؤال لم يعد له مغزى
اعرف أن معارك  دنكيشوت موجودة في كل مكان
وسراب المشيئة التي لم تخلق لها موجود في مكان
وتبرير الوجود الوهمي يـُهيمن على الكثير في أرض الوجود 
ولكن من يقلع جذوره  تلتهمه الأعاصير أسهل من غيره .. هكذا يقولون
 تغوص قدماه في الرمال المتحركة  أسهل من غيره
والآن أدرك سر الأنسباء في الجسد 
سر خريطة روحك
بصمة الحضور .. وتيه الغياب 
وصوتي الصارخ لكل روح مغتربة
ادركي من أين سقطتي وقومي
تواضعي فالحقيقة تحتاج لنضال البراري
الذي اكتشفت بعد سنين أني أجهله 
فمكان الكنز ليس في متناول اليد .. كما كنت اظن
فاسهروا وابحثوا وعاهدوه بحياتكم 
احتمال كبير أن تسمعوا صوته 
وإن سمعتم صوته لا تقسوا قلوبكم
ضعوا قلبكم على المحراث .. واتبعوه




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق