الخميس، 3 أبريل 2014

رأيت الله




سمعتهم يقولون أنهم رأوا الله
وسمعت كلاً منهم على حدا
يقول أنه يعرفه ويدركه ويفهمه ويحفظه ويبشر ويدعو به
ويعرف عنوانه وسمائه ومكان حضوره ومكان غيابه
ويعرف ملائكته ومريديه وشياطينه وأعدائه
كم مليار يسكن المسكونة
وكم منهم يتخيل أنه يعرفه ويدركه ويؤمن به ويمتلكه
كم متكبر بيننا
كم محدود تخيل أنه قادر على إحتواء اللامحدود
الإنسان سجين تصوراته ومخاوفه ورغباته
من تخيل قديماً إله وصنعه من العجوة أو من الحجارة أو في خياله مجرداً
فأكل من أكل .. ونصب أوثان لمن نصب
من خلق إلهاً على صورته وتخيل أنه امتلك الإله
وباع صكوك غفرانه ..
وصنع سوق لتجارة الأفيون الغيبي ولتسويق الإله الترابي
كم هيكل أصبح مغارة لللصوص ؟!
وكم صندوق للنذور وللدموع ولتخمة الأسياد ؟!
إذا أردت أن تعرف بعضهم أنظر للصفوف الأولى في بعض الأعياد
لن تجد في وسطهم أرملة الفلسين
أو بعض المهمشين
إذا أردت أن تعرف الفرق بين هيكل اللصوص وهيكل التائبين
هيكل الحجارة والهيكل اللحمي
بعد أن تنظر للصف الأول ابحث ..
ابحث عن كم وكيف .. المحتجبين
المشابهين صورة الأطفال .. الصائرين كالأطفال
إذا رأيتهم في هيكل
ورأيتهم مازالوا باحثين مندهشين متيقظين حالمين ثائرين محبين
مازالوا متيقنين بعدم استحقاقهم ..بعدم امتلاكهم الحقيقة
ولا مفاتيح جنته .. ولا صكوك غفرانه
هم فقط بعض من أحبابه غير المستحقين
أنامل طفل تلمس هدب ثوبه وهدب الحقيقة وهدب الإجابة
ستعرفهم عندما تعرف أننا نعرف بعض العلم
وبعض المعرفة وبعض التقوى وبعض القداسة وبعض الحب
وأننا استفهام أكثر منا إجابة
وأننا ضعف أكثر منا جبروت
وأننا عطشى للبر أكثر منا ماء
وأننا جوعى للخير أكثر منا مخازن للأطعمة
مازالنا نحبو ونتلعثم في نهر اللامحدود
غبي من يتخيل نفسه قد وصل لغاية الوجود
فيكتفي ويتسمر كيانه ويحيا مـُخدراً
لأنه ظن أنه قد أكمل
قال الجاهل في قلبه ليس إله
وقال الجاهل في قلبه أمتلك إله
وجهي عملة الكبرياء .. وجهي عملة الأجابة
لا يوجد أجمل من السؤال
لا يوجد أجمل من العطش .. من الجوع
من السباحة في النهر الذي لا يفقه أسوار البركة وزيف الوصول
دعوا الصفوف الأولى لمشتهي الصفوف الأولى
ووهم المتعصبين لأنفسهم ولإجابتهم ولإيمانهم
فالمقابر في حاجة ماسة لزخرفة الخارج
فصناعة العبد تحتاج للترهيب وللترغيب
والتيه والضلال يجذبوا معصوبي العينين والروح
ولكن من لا يهاب حريتك ولا إختيارك
يريدك مبصراً
من لا تزعجه أسئلتك لا يصعق عقلك بالبرق
ولا يكمم فمك بالسيف أو المعجزة
من لا يخاف نقدك وسخريتك وكفرك لا يقصف قلمك الأحمر
ولا يحيا ويتبختر على أنقاضك
ولا يريدك أن تحيا وتتبختر على أنقاض أعدائه
من خلقك حـُراً يسعد أنك مسئول
ويعرف أن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد
من يدعي أنه يحب الذي لا يراه ويبغض الذي يراه
كاذب
من يدعي أنه يشتهي الأبدية الروحية ويكفر باللحظة الأرضية
كاذب
من يريد أن يحصد فوق يزرع هنا
من يريد أن يحصد أبدية لا مثل لها عليه أن يكون مسئول هنا
فالله خلقك حراً مسئول هنا .. في الأرض
مستأمن عليها تطورها مع بني جنسك البشري
تحب من تراه .. ترحم من تراه .. تحرر من تراه ..
تساعد من تراه .. تبني مع من تراهم ..
تبدع مع من تراهم .. تعدل مع من تراهم
فحبك للمحدود هو طريق وصولك للامحدود
فامتحان قلبك اللحمي يـُصحَح على صفحة المحدود
فالآخر هو اكتمالك وامتحانك ونحات كيانك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق