الاثنين، 2 ديسمبر 2013

سر إغترابك

 طفولتك .. صباك .. شيخوختك 

هنا تقطن الذكريات العتيقة 
بيت أبي وأمي
وطفولتي التي تملأ كل أركان البيت غناء
كواليس الضوضاء والأفكار الجهنمية 
لا أعرف كيف يقوى إنسان أن يجرف تراثه الحي في لحظة
أن يبيع الماضي كله 
وكأنه هكذا اغتاله
شوارع الطفولة 
مدرسة المشاغبين القدامى
جيران صامدون مثلك 
خائفين على أرواحهم أن تفارقهم
معلومة اختبارية
من أبقى على ذكرياته حاضرة لم يذبل
ومن ترك دوائر وطنه الأصيلة  تفر أمام عينه 
ومن بين أنامله 
اغتربت روحه للأبد
مهما حاول التذكر 
مهما حاول الإستحضار
فالأشياء لها بصمة خاصة 
إذا تركتها تتركك
إذا أنكرتها أمام الناس تـُنكرك في روحك
تصبح روحك مع مرور الوقت ثلجية
مغتربة .. منكمشة في ركن ضيق جداً في كيانك
تبحث طول الوقت عن سر إختفاء الحميمية 
وتنسى من أين سقطت 
ومتى سقطت 
وكيف سقطت
فالأرواح لا تعرف إلا فعل الحميمية
ولا تفهم غير لغة الوجود
ولا تدرك ذاتها .. إلا في سر التجسد
عندما تلمس وتلمس .. 
عندما تعطش وتشرب وترتوي
عندما تجوع وتأكل وتشبع وتصوم
عندما تقدر أن تمر كل صباح على ذكرياتها دون ملل أو ارتياب في العشق
عندما تعرف أن ملامحك تصنع رويداً رويداً .. ويوماً بعد يوم 
بمد وجزر .. ودمع وفرح .. وعهد ونبض  
ملامحك لا تصنع في الفراغ بلا جاذبية
ترسم على لوحة ما .. تنحت على حجر ما
بريشة ما .. ومطرقة ما
ففصول مسرحيتك لا يوجد فيها ناسخ ولا منسوخ
ولا مكي ولا مدني
ولا تناقض يأخذ منك 
أكثر مما أعطاك
فروحك بين ضفتي طفولتك وشيخوختك  .. وتراً
مشدود أو مترهل .. حاضر أو مغترب
حار أو بارد .. محلق أو متكفن
حميمي أو عابر سبيل


جـُزر النفي

جـُزر النفي

" من ينكشف سريعاً
يبتـذل سريعاً"
أدونيس .. وراق يبيع كتب النجوم

 
الشواطئ لا تفارق
المراكب فقط تتوه

والسماء تفرح بطائر ضال يعود
ليت جـُزر النفي تعي الحقيقة المتواضعة

الآن ..  باطل كالماضي السحيق
والنبؤة تجذبك لكل ما هو عميق وليس جذاب للناظرين
النبؤة عكس شهوتك
لن تكون مثله 
لن تعرف الخير والشر 
ستكون ملك على عرش الباطل
على مملكة الناس
لن يعرفونك من ثمارك

حصاد الحقيقة قليل
والفعله المتوهمون كثيرون
ولأجل هذا وأكثر
المخازن فارغة
والملح فاسد
لا يملح الأطعمة
بل يفعل ما هو أكثر من ذلك
يفسدها !!

وإليك نصيحتي وأنت تسبح عكس الإجماع
وعكس التفرد اللوسيفري
النهر سرائر وتراتبي وأعماق تسلمك لأعماق
تترك شاطئ الكبرياء وتهرول نحو شاطئ التواضع
تترك إجاباتك المألوفه وتهرول نحو استفهامات لا تعتاد عليها

إن طلب منك ثوبك .. اعطه ردائك أيضاً
إن طلب منك ساعة .. اعطه يومك كله
إن طلب منك جسدك ودمك .. اعطه روحك 
سرمحتجب وكنزك يقطن حيث لا تشاء
الروح يشاء فتتحقق أنت
وتكتشف امتلائك .. اكتمالك

فكمال الحب يجعلك طفل متواضع
تحتاج لمن يطعمك بطعام ليس من هنا
تحتاج لمن يرويك بماء نبعه في صومعة الخفاء
تحتاج لمن يهمس إليك بهبوب ريح عاصفة 
فيقتلع منك الداء
تكتمل فتحبو
تنضج فتصغي
تنمو في القامة والمعرفة والحب
فتحتجب

من أخذ مجد المسرح  لا ينتظر استعلان الكواليس
التصفيق يعمي الأبصار
ويجعل حواسك تلهث نحو العيان
والعيان يصيب روح قلبك في مقتل
فتسقط سقوط عظيماُ
مهما كان ظاهرك منتصباُ

لا تعود تبحث عن نتائج مختلفة لماء جربته مراراً
لا تعود تبحث عن أطعمة احترفت تجويعك
لا تصغي لتصفيق استعبدك
دوامات الإغراق جذابة
ناعمة ومتوحشة
مألوفة ومدهشة

في نهر السر سرائر
وصبر في أوقات كثيرة فوق الاحتمال
وهزيع رابع وهزيع عاشر
ومشيئة تنحت فيك المحال
وأنت كالطفل 
لا تملك غير الصمت وبعض الصراخ وشلال من الدموع
وإصغاء يجعلك كلي الجوع
رويداً رويداً
ستفهم فيما بعد
والوعد لك
ولكل الذين على بُعد
الوعد لك 
ولكل الذين على بُعد


الجمعة، 13 سبتمبر 2013

سرائر


لا أعرف من منا جرب الموت يوماً
في ذروة الحياة
في أرض المنحوتات
كل مخلوق طيني يأخذ من الطين ليكمل ملامحه

جبل الطين يكاد يجف
الكل يأخذ منه بنهم
لتصبح الملامح أكثر حدة
أكثر تخمة

وكأن تراكم الطين على ملامح التماثيل يجعل المنحوتات تخلد
وكأن ملامحنا كنوز لا تفنى ولا تستحدث من عدم

نتصارع من أجل قطعة طين 
نتحاور نتخاصم نتقاتل
وتنزل دمائنا لتجعل طين المنحوتات أكثر ليونة في التشكل
ملايين من الوجوه
ومن ألوان العيون
ومن ألسنة الذئاب الخاطفة
والذات جائعة تجول ملتمسة من تبتلعه

فالطين يشكل جنة صاحبه
والدم النازف منا يشكل ناره
والطين كل يوم يرسخ فكرته
تأكل منها كالعلي تكون

تمتد أوتادك وتتسع تخومك
فتصير أنت الألف والياء
وتقرر مصيرك
تجوع فتأكل
تخاف فتختبيء
تعطش فتشرب من بئر لا يضبط ماء
عريان ولدت وللأسف عريان تموت

والطين مع سبق الإصرار والترصد مازال يشكل ملامحك
تراب يحدده تراب
فناء يـُخلده فناء
داء يصغي لداء
ستكون كالعلي
ولكن بلا حب 
بلا قدرة 
بلا سلام
بلا حرية 
بلا رفقة
بلا مشيئة

تائه في برية الأنا 
بلا أرض موعد 
وبلا عنوان

تائه في فخ اللحظة الآنيه
التي تمسك بيديك المكفوفتين لتأخذك لمكان آمن
وفي نفس لحظة ملامسة اناملك لها
تختفي تتبخر من بين أناملك
لتعطيك للحظة أخرى آنيه
لتفعل فيك فعل المفعول في المُمسكة في ذات الفعل

وهكذا دواليك 
لتصبح بقية عمرك تائه
وتكتشف أنك خـُدعت
وانك لم تكن كالعلي لحظة
ولم تقدر أن تتشبه حتى به
أبعدك عنه بـُعد المغرب عن المشرق
بــُعد الذات المنفصلة عن الحميمية
بــُعد كوكب مظلم عن مدار شمسه

ذات الطين لا تشعر أبداً بالإكتمال
فتزداد خطأ بالأمل
وتظل باحثة بالعمل

فتخمة ميزان الحسنات الموجب
وتخمة ميزان السيئات السالب
يجعل ميزان الذات ثقيل جداً
فيهرول نحو القاع
نحو الهاوية 
نحو الغرق

حسب ثقل ميزانك
تغرق في طبقة ما .. في وحدة ما
من تراتبية بحر الظلمات
زنازين الوحدة الموحشة
وصدى آهات تسمعها آهات

تيه برية الذات
حوض السمك الكاذب
ليس بحراً ما تسبحي فيه يا أسماكي
وليس  العلي من يطعمك كل يوم
أنا الذي أطعمك
وليس هو من قال لك في الصباح 
ليكن نور
أنا من فتحت الستائر في الصباح الباكر
أنا من جوعتك يوماً 
وصرت فقيرة تصلي وتصرخي وتتسولي الطعام
أنا لست العلي

كنت مسافر وتركت جائعة
حوض السمك كاذب
أحلامه كاذبة
أفكاره كاذبة
لا بحر فيه 
ولا رزق
ولا قدر
ولا موج ولا مطر
ولا صياد ولا خطر

شبه لك يا أسماكي
شبه لنا بحراً
ست مليار من البشر في حوض سمك كبير
عيون الذات الضريرة معتمة
وقلب التائهون في برية ذواتهم 
قلب بلا بوصلة
حوض سمك كبير
وبرية الذات كبيرة صحراء شاسعة 
تشيد بالأعمال لكي تفتخر
تبني برج بلبلتها 
تقطف تفاحة ذاتها
لكي تصير كالعلي


بداية النهاية
وقال لوسيفر في جنة البدء
كلوا من شجرة المعرفة فهذا هو جسدي
واشربوا عصارتها فهذا هو دمي
فتصيروا أنتم وشجرة المعرفة واحد



الاثنين، 1 يوليو 2013

حضور في اغترابك



من يعرف الوجد 
لا تحاصره وحشة الوحدة
ولا تقرع أبواب قلبه الرياح
ولا ينبت الشوك أسفل نافذته ولا في حديقته الخلفية
ولا يتوب نن عينيه عن الرقص والبكاء
في الوجد معية لا تتركك تذبل
فالعشق براح لا يحمل صدى الوحشة
يتخطى ظلك بمراحل
وبعمق تجهله الدهشة

من يشعر بصهيل الوحدة لم يقرع باب قلبه الحـُب
ولم تؤنس النجوم روحه في الليل المباغت
ولم يعرف سر صلاة الإصغاء 
وتجلي تواضع الحـُب
وصيام القلب عن الكـُره
وتسبيح لم يختبره غير الحـُر

الوجد ..
يجعل عكاز خيال الحق نوراً
ويحول جبل الثلج بين راحتيك لمدفاة سرمدية
وفضولك يجعله منتصب القامة لا يغفو

فالنشوة في الوجد عكس السـُكـْر
لا تجعلك تنسى
مرآته تعرفك وتعرفها
تتعرف على ذاتك من قـُرب
ومن بـُعد
فتتعرف عليك وعليه فتجده

تتخطى كل دواير أهل الممكن
الصدق والكذب 
الحـُب والكـُره
الصوم والإفطار
الزهد والأفكار
تتخطى حدود المـُمكن

فالعرفان كالقمر بلا جاذبية تــُذكر
فالسير كالتحليق
لأرضٍ لم تعرفها
لأفكار لم تفهمها
لمعاني لم تغوص فيها
لشهوة لم تشتهيها

فالعرفان يجعل علمك كجهلك .. متواضع
وإجابات استفهاماتك لم تعد تبتغيها
فلـُعابك لا تجذبه الفتات

لم تعد مألوف أنت
لم تعد مستساغ أنت
لم تعد كما كنت
لم تعد كما أنت 
لم تعد أنت

عنوة التوحيد


" عندما فقد أبي هالته الأولى فقد أسطوريته " 
جمال الحلاق - آلهة في مطبخ التاريخ


منذ البدء جلس أحدهم على العرش عنوة
وجاء آخر بعض وقت وأزاحه .. وجلس مكانه
إجابة تصعد سلم النشوء والإرتقاء الميتافزيقي
محاولة منها أن تغتاله للأبد
وترسم له صورة واحدة
لا شريك لها
فيتجمد المشهد
وتتقولب الحرية
لتصبح إلتزاماً
وليصير الحر عبد
وللسؤال اجابة
وللعرش جالس
وللحرف معنى لا يقدر أن يتخطاه
بحر راكدة أمواجه 
وسماء ناصعة البياض الصنمي
وملاك بجناحين لا تحارب هبوب ريح
وطفلاً يتكلم في المهد كالعجائز
وقمراً لا يربك ليلاً
وشمس ليس لها صديق تضيء له
وطريق بلا رفيق
وحشة الوحدة والحل الوحيد
يا أولاد الأفاعي
كيف تم اغتيال السؤال البريء
كيف توجتم الوهم سلطان علينا
وجعلتوا صدى بوحنا صوته المجيب
سلاسل من القيد
وعصابة على القلب
وزنزانة للروح
وقص الأجنحة
والنتيجة .. توحيد
واحداً أصبحنا كأسنان المشط
كرؤوس قطيع تنتظر الذبح
كحبات مسبحة في أيدي الكبح
كسلم مسنود على جدار الهواء الطلق
يا أولاد الأفاعي
كيف وضعتونا في خانة الدرك
في لعبة الصدفة والأقدار
جهل يسلمك لليل 
وليل يسلمك لغباء نهار
وكوة متخيلة تفصل بين فراغ وفراغ
كوة تطل بك من جدار لجدار
ولتقترف الأمل بنميمة اليأس
ولتزن حسناتك بميزان الذهب
وسيئاتك بميزان البخس
ولتمشي على صراط السراب لعلك تصل
ولتسبح في بحر النسيان لعلك تتذكر
وابدر بذار الشوك في أرض خصبة
لتثمر نرجسيتك
ولتجعل إسرائك ومعراجك لك
ولتطوف بكعبتك
ولتبني على برج بابل هيكلك
ولتقبل قرابين ذبائحك
ولتغفر لك أو ترجمك
من تسجد له في مرآتك
مخلوق على صورتك
مخلوق على صورتك 
مخلوق على صورتك