الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

الهامش .. وخبز التقدمة




تخطيء مرة تلو مرة تلو مرة 
مئة وألف ومليون 
تقترف الأمل حد الثمالة 

وتمد خط الانتظار على استقامته 
لعلك تصل نقطة البدء بالأزل 
لعلك تصنع جسراً للعبور 
بين ألف البدء وياء النهاية 

لتمر الأحلام للأجيال دون عثرة 
لتثري حوار التعدد في الذات 
والتعدد في الآخر 
ليرمم العقل ثغرات المعقول فيك 
ليتواصل الحب مع المحبوب فيك 

لتعلن صراحة عجزك 
وتسمر كل قدراتك اللانهائية 
ليتعرى كل المستحيل في الـ "كـُـن" 
ويكتشف أنه محدود
وأنه الــ "ممكن"

وأن المستحيل لم يكن هو 
بل كانت الأحلام 
وحدك كنت وحدك تواجه وحدتك 
لحظة العجز الأخيرة 

تحاول أن تصنع سلام في أرض الحروب 
فتفشل 
تحاول أن تجمع الأضداد على مائدة الحب 
فتفشل 
عدلك وحبك متوازيان لا يلتقيان 
إلا في فضاء جديد 
وجـُـلجثة ليست هنا

وحدك تأخذك الأمواج نحو الغرق
ليس لك مكان فيه تحتجب 
والظل تسكنه الأشباح 
لم يعد صدر الهامش يحتمل 
لاحتضانك واحتضان الغرباء 

وحدك كنت وحدك تواجه وحدك 
رشفة الكأس الأخيرة 
وخبز التقدمة 
لم يعد السبت السبت بعدك 
فصنع الأغبياء الأحد بديلاً عنه 
هدم الهيكل بين لصين 
فبنوه بعدك

فعل التخطي يحتضن فعل التعدي 
فينتهي الإهداء 







شحاذ العتبات المقدسة



عندما تقرأ التاريخ بلا تبرير 
وبعين عارية من أدوات التجميل 
وبقلب غير مفخخ بالرصد 
تكتشف أن التواطؤ .. هو مخرج الكثير من العروض
علاقة بين النصاب والطماع 
بين السيد المتكبر وسيكولوجية العبد 
بين القاهر والمقهور 
بين دور الساحر ودور المسحور 

لكل خرافة مصدق ما 
ولكل إثبات علمي مستفيد واقعي 

التاريخ وما أدراك ما التاريخ 
عندما تجد باعة محترفين 
وطوابير من القطيع النملي 
وسوق يشجع الربح السريع 
انتبه .. أنت في مركز الإعصار المضلل 
احذر .. أنت في مدينة الأشباح 
في خدمة توصيل الموت للأموات 

عندما يكون موسى فوق الجبل محتجب .. الشعب في الأسفل يعبد العجل الذهبي في التيه 
عندما يكون قدس الأقداس بلا تابوت العهد .. طوابير القطيع والقرابين تتزاحم على المذبح 
العلبة المرصعة بالذهب والماس والياقوت والمرجان .. بلا فيل 
مغارة علي بابا .. والأربعون والستون والمئة 

التاريخ يقول بكل وضوح 
لا تثق في البائع المتجول 
من يكسر بابك الشخصي ليصنع لك احتياج وهمي 
ليسدد عطشك الوهمي بماء مالح .. ويأخذ المقابل الواقعي جدا 
ليسرق سماء البراح منك والأسئلة اللحمية .. ويعطيك سماء نحاسية 

التاريخ يقول بكل وضوح 
لا تثق في دموع المسرح 
لأنها تزرف مع سبق الاصرار والترصد .. لتجذب دموعك الحقيقة 
لتشعرك بالذنب الذي يفوق ذنبك .. فتسلم روحك وعمرك ومالك لصندوق النذور 
لتفرغك من مضمونك فتصير شحاذ العتبات المقدسة 

التاريخ يقول بكل وضوح 
لا تثق في نور يجعلك معصوب العينين 
النور يجعلك ترى .. يفتح عين الأعمى 
بلا عصابة ولا شرط ولا قيد 
لا يهاب أسئلتك وعلامات تعجبك ونقدك الحقيقي الساخر 
ولا يصنع لك بدائل سيكولوجية مخدرة 
لا يعطي لقيط لعائلة من اللقطاء 
ولا يزرع أعضاء مبتورة في جسد ميت 
ولا يعطي ابتسامة بلهاء لوجوه البلهاء 
عندما تحتاج لخبز لا يعطيك حية 
لا مقايضة فيه بين الخبز والحرية 

التاريخ يقول بكل وضوح 
أن سيكولوجية العبيد تحتاج وتبحث عن فتات الأسياد من أجل البقاء 
وعندما تصعد سلم النشوء والارتقاء تصبح كالأسياد ترمي الفتات للكلاب 
تدين كما كانت تدان 
التاريخ يقول المشكلة في الإنسان والحل في الإنسان 


الباخرة الأولى




الإهداء ..
للأعداء والطوفان والصف الأول 


كانت الباخرة الأولى قبل الطوفان الأول عجيبة جداً 
تكتظ بالبشر والحيوانات والتنافس الباطني المغطى بقناع التقوى
والابتسامات البلهاء والصادقة من البعض

لكي تصل من الصف الأخير في مسرح السفينة .. إلى الصف الأول 
كنت تحتاج لوقت طويل ولشهيق أطول وصبر يفوق صبر أيوب الأحادي

فالصف الأول للنـُخبة وبعض المريدين ماسحي الأحذية والروح 
الأضواء هناك وكل الأنظار هناك وصندوق السبوبة هناك 
في الصف الأول لا يوجد لأحد احتياج 
لا جائع ولا عريان ولا عطشان في الصف الأول 
هناك أثرياء السفينة والفتات الساقط منهم يصيب المريدين بالتخمة 

في الصف الأول التشجيع يفوق الخيال .. التصفيق لا يتوقف 
المعجزات تصنع دون احتياج أو طلب 
تأتيك يومياً .. تقرع بابك بلجاجة
من لم يختبر نفاق الصف الأول لبعضه ومريديه له .. لم يذُق طعم الذات بعد
ابن الخنوع والطاعة العمياء والتصفيق الدائم ماسحي أحذية الروح .. من يستحقوا فقط الاقتراب 
الاقتراب رويداً رويداً للصف الأول ومطبخه العاجي والمنافق بضمير صالح جداً 

ستسمع كلمات بتكرار يفوق الأمم 
لدرجة تصدق أنها سفينة مُعقمة بالحب
لا يهوذا بيننا 
ولا نميمة روحية تجرف الخضار الذي فيك .. لو كان فيك 
تتخيل أن طريق الجـُـلجثة والأمواج والغرق لن يـُسقِط أحد
تخيـُـل مراهق في سفينة الزيف حيث الصف الأول 
من نجح في امتحان الذات المتورمة المختبأة أسفل ابتسامة بلهاء مسكينة

ولكن ما أجمل طريق الامتحان 
ما أجمل الآتون
ما أجمل جب الأسود 
ما أجمل المشاكل وسقوط سيف البطولة في الصف الأول
في طريق الجـُـلجثة لا قوي ولا جبار ولا فارس ولا مناضل 
وحيداً وحيداً وحيداً .. تجتاز النار والألغام والشوك وخناجر الظهر التي لا تـُـعد ولا تحصى
ما لم تراه عين .. ستراه هناك 
ما لم تتخيله .. ستجده هناك

وكان الصف الأول هو صف اليهوذيين وليس النبلاء
ستكتشف أن النبلاء في الخلف
في الكواليس .. في الاحتجاب
كل من انجذب لمسرح الأضواء ينبغي أن تخاف وتقلق منه
وكل من احتجب وتوارى وليس مهتم بالمنافسة بالصفيق والإنحناء .. ابحث عنهم
في المكان المجهول إنسان مجهول يحمل قلب لحمي مُحب بلا خنجر ولا نميمة ولا زيف 
ليس لديه مصلحة ولا هدف ولا غاية لكي يضعك على مذبح الأوثان 
روح المنافق خاوية وروح المُحتجب نبع لا ينضب 

ودقت الساعة وصرخ صوت الإنذار في السفينة 
الأمواج تجتاح والغرق يقترب
من يضحي بمن .. ومن ننقذ 
اختاروا الآن 
لا وقت للحُب ولا للحوار ولا للغفران ولا للتاريخ 
اختاروا الآن 
اختار الصف الأول .. باراباس 

توبة الوجد



أمنية قديمة  أمنية تسكن القلب والظل منذ الصغر
لمجموعة من الأطفال مبدورة بشكل عشوائي
على الصخر والأشواك في الكوكب الأرضي
أمنية .. الكمال  أن يصير نصف كأس العشق فيهم .. كاملاً
أن يسكروا حتى الثمالة
أن يتوبوا توبة الوجد ويكتمل موتهم عن العالم ويكون القرار
ألا ينظروا ورائهم مهما طال المسير  وأن يكونوا قرابين الصف الأول في النضال
وفي الصف الأخير مُحتجبين في هيكل النهار

لا يوجد أصعب من أمنية الأطفال أن يظلوا مهما طال العمر .. أطفال
فبوصلة كوكب الأرض هي التيه
وإجابات مهما تمخضت لا تلد غير أسئلة
وفي طريق كمال الأرض .. إحساس بالنقص يزيد
يظهر العطش جلياً بجوار بئر الماء
وكم عطاء يظل يحمل بداخله .. إثم الإحساس بالعطاء
النقص هو وشاية يدك اليمنى لبقية الأعضاء
ونوم لضمير .. تخيل أنه صالح
رغم يقظة الفقراء وأنين المقهورين وكم المأسورين
كم هو مرهق إحساس الشعراء والثوريين والحالمين
من يريدون عدالة للجميع  من يشتهون خلاص الجميع  من يلونون جنتهم بكل ألوان البشر .. بقوس قزح
ولم تتسع صدورهم ولا سمائهم .. لنار  كيف يتكبر تلميذ ليصحح أوراق لحمية لتلاميذ مثله
كيـــــــف يدين المدان
فالنقص نقصاً مهما ارتدى قناع الكمال

أمنية مازالت تثمر بداخل السابحين  أن يذوقوا خمر الكرمة عشق الكرمة تجلي الكرمة  واكتمال الحنين

الفريسي والصوفي .. والـ EGO




الفريسي على مر العصور .. يمتطي الحرف المقدس .. بلجام فارسه الوحيد .. هو 
والصوفي على مر العصور .. يتماهى مع المقدس .. كثقب أسود يمتصه ليظهر .. هو 

الفريسي .. هو البطل على مسرح الحرف 
والصوفي .. هو البطل على مسرح الوجد 

الأول .. يحاصر المعنى يسجنه يحدد إقامته الجبرية .. ليصير سجانه الوحيد حامل مفتاحه وبصمة شفرته ووكيله الأوحد 
والثاني .. يغزل من المعنى ثوبه يجعله على مقاس تضاريسه الجوانية يخلقه على صورته .. فيصير هو روحه وروحه هو .. يتماهى ويصير حلوله الأوحد

كل الطرق الإنسانية تؤدي إلى بطولة روما الإنسانية 
فاللغة لأنها إنسانية قاصرة ومحدودة وعاجزة وايحائية وحربائية وحمالة أوجه 
ولأن الحرف إنساني والمعنى إنساني .. فالمحدود في النهاية يربح 
ومن هو من التراب إلى التراب يعود .. بكل سهولة ويسر بلا أدنى فزلكة أدبية 
فالحرف والتأويل وجهي عملة التواصل الإنساني .. والفهم الإنساني .. والقصور الإنساني الذي لا نعرف غيره

وكل ما لم تراه عين .. لم تراه أي عين 
وكل ما لم تسمع به آذان .. لم تسمع به أي آذان 
وكل ما لا يخطر على قلب إنسان .. لم تسجله حتى الأساطير والأحلام 

فنحن البشر لم نكتب شيء لم نعرفه 
حتى لو صنعنا المسخ 
سيكون رأس إنسان وذيل تمساح وجناح نسر وأقدام ديناصور 
كل ما نعرفه موجود .. وكل ما لا نعرفه لا نقدر أن نلتقطه

والفرق بين الخيال والعلم .. هو اختيار الوسيلة التي يمكن أن تصل إلى نتائج 
يظل الخيال ذاتي أو جمعي .. حميمي باطني نسبي إلى حد الفجيعة 
ويظل العلم .. هو ما نقدر نحن المختلفين أن نتفق عليه .. لأن نتائجه بين أيادينا جميعاً وأمام عيوننا جميعاً 
أخيراً .. صنع الإنسان مسطرة كأسنان المشط .. لا يقدر أن ينكرها أحد 
العلم هو الوطن الوحيد الذي نشعر فيه جميعاً بفاعلية المواطنة
متساوون في الحقوق والواجبات والنتائج 

أخيراً .. نضع اختلافاتنا الجوانية الباطنية العقائدية الذاتية في قلوبنا .. لنخرج في المجال العام المحايد العلمي متساوون 
نسأل الممكن وننتظر إجابة نقدر أن نختبرها جميعاً .. في المختبر 
فتخرج النتائج واحدة لا يأتيها الباطل .. في مصر في اليابان في أمريكا .. العلم لا يعرف الشرك والاختلاف 
مهما كانت لغتك عقيدتك لونك جنسك .. فالنتائج واحدة .. صحيحة أو خاطئة .. أمام الكل وللكل 
نلمسه بأيدينا نراه بعيوننا نسمعه بآذاننا .. أو بأدواته المتفق عليها من الكل العلماء والجهلاء 
الكل خاضع تحت اجابته المعلنة وغير المحتجبة 
الوجودية وليست الغيبية 

لأجل ذلك للعلم لغة خاصة .. ليست حرف أو معنى .. ليس حمال أوجه
في المختبر .. لا مكان لفريسي أو صوفي 
حرفي أو تأويلي 
لا مُهرة ولا ثقب أسود 
لا فارس ولا حلولية 

العلم ملك للجميع وليس لقلة بعينها ووكلاء ما .. لا يحتكر أحد مفتاحه ولا فك شفرته 
ولا سلطة كهنوتية للعلم 
ولا قيادة هرمية 
ولا خلايا عنقودية 
العلم من الانسان المكتشف إلى الإنسان المستفيد 
من الإنسان السائل والإنسان المجيب إلى الإنسان المستفيد 
العلم يدرك جيداً أن الإنسان مسئول 
أن يبحث وأن يسأل وأن يكتشف وأن يجرب وأن يصنع .. وأن يستفيد 

العلم يعرف أن حتى من يصارعه يستخدمه .. فلا مفر منه 
كل من يقطن الكوكب البيضاوي من البشر .. يخضع لنتائجه 
كم دفعنا من أثمان باهظة لكي نوقف طوفان الأوبئة التي اجتاحت ملايين من البشر 
العلم هو سفينة نوح الإنساني جداً 

ولأن الإنسان قاصر وعاجز ومحدود وعظيم .. صنع صراع بين أدوات اكتشافه .. التي كانت تحمل مراحل تطوره وبحثه ومخاوفه وأحلامه واكتشافه .. صنع صراع وهمي بين الحرف والعلم ..
بين الهيكل والمختبر .. بين الماضي والحاضر 
وخسر الكثير ومازال يخسر على مذبح الصراع الوهمي المتكبر 
صراع بين Ego كهنة الحرف .. وتواضع علماء المختبر