الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016

الأقنوم الرابع



الله لا محدود .. قدوس .. كلي القدرة .. وكلي المعرفة وسرمدي 
ولم يراه أحد قط .. وكل ما في خيالك فالله بخلاف ذلك 
هكذا يؤمن كل مؤمني كوكب الأرض رغم اختلاف أديانهم ومخاوفهم وأحلامهم وعجزهم 
هكذا تنطق الألسنة

ولكن على مسرح الأرض والتاريخ والجغرافيا .. دماء وحروب وجدال ومناظرات ومجلدات .. تشق النقاب عن مساحات من الغيب .. تشرح الكثير من المجهول بكل ثقة تكاد تكون معصومة .. تفاصيل مجهولة  تأخذك إلى تفاصيل مجهولة أكثر .. ويقين كاهن الأرض وحاخام الأرض وشيخ الأرض يفوق يقين علماء العلم المثبت والوجودي 

هل هو طبيعتين أو مشيئتين .. صفاته وأسمائه .. تدبيره وقدره ونبؤات الأزمنة الأولى والأخيرة .. من يحب ومن يبغض .. من معه ومن ضده .. أين طائفته ومذهبه وفرقته الناجية .. من أدرك وفهم وفسر كلامه كما كان يقصد .. من عرف مقاصده وغاية حرفه .. ماذا كان يفعل في الأزل .. وكيف يدين في الأبد 

تفاصيل التفاصيل ونمنمات النمنمات ونحت ملامح كل ما هو غيبي بكل جرأة العارف والروحي والمتحزلق الورع المفوه الخاشع الدامع الفاهم السامع اللامع 
 والقطيع المطيع المريع الشنيع الفظيع يسلم الجميع للجميع 
وتصنع حروب المصدقين ضد المصدقين .. المؤمنين ضد المؤمنين .. المعصومين ضد المعصومين ! 

- نرمي المال إلى فوق تأخذ السماء ما تأخذ ومن يسقط على الأرض فهو لنا - نكتة كل العصور 

نرمي الدموع والأحلام والمخاوف والوعي والقلب إلى فوق .. تأخذ السماء ما تأخذ ومن يسقط على الأرض فهو لنا  .. يصبح ملك بائعي الصكوك الباطنية والروحية والدينية 
 يحلم الجائع بالخبز .. والخاطيء بالقداسة .. والخروف أن ينام في حضن الذئب آمن 

عندما تشاهد فيلم الإنسان على كوكب الأرض تندهش .. كيف تحول من خائف إلى مطمئن ويبيع الطمأنينة في حارة الخائفين كل يوم 
كيف تحول من سائل إلى حامل أجوبة تفوق الجبال .. تقرع الأبواب لتوزع الإجابة للسائلين 
كيف تحول من خاطي يهرب من وجه الرجم الداخلي .. إلى جامع حجارة يصدر حجارته لكل الراجمين 
كيف تحول من غير مستحق وروح محتجبة .. إلى كلي الاستحقاق والتميز الإستعلاني والإستعلائي 
كيف تحول خجل العطاء .. إلى أن تعرف يساره ما تصنعه يمينه وتذيعه على الشاشات لكل الأعضاء 
كيف تحول الإنسان الذي كان يحبو في المجهول ويعرف أنه يعرف بعض المعرفة وبعض النور وبعض الفتات الساقط .. أن يتعجرف ويتكبر ويتجبر إلى الدرجة القصوى 

وكأنه سلك طريق آخر غير طريق التواضع الذي عندما تسير فيه تكتشف عدم استحقاقك أكثر.. تكتشف جهلك أكثر .. تكتشف فقرك أكثر .. تكتشف استفهام أعمق ..  تكشف أنك بدأت الطريق على قدميك مهرولاً وأنهيته تحبو .. تكتشف تبخر كل إجاباتك المعصومة وكل أحكامك المسبقة والمعلبة والنمطية .. تكتشف أنك لست مـُـشمع بالشمع الأحمر كما كنت تظن .. وأن عطشك أصبح أكثر عطشاً .. وجوعك للخير أصبح جائع جداً 

وأنك لست إلها في مجمع الآلهه الساكنة على جبل  الأولمب .. وأن ما تقوله على المنابر لا يعرفه غير الأقنوم الرابع  .. وأنت لست هو ولن تكون 
فلست إله الخير أو إله الشر في المانوية الثنائية .. حتى 
إحساسك بالتعالي لن يجعلك تصل لمرتبة لوسيفر .. قبل السقوط تشامخ الروح المتخيلة أنها العارفة 
الصعود فوق جبل العلي لم ينجح في الوصول إليه أحد 
والتماهي مع العلي .. شرك .. وتخيله الكثيرين 
أنت لست هو 

ستظل تعرف بعض المعرفة وبعض العلم وبعض الأجوبة 
وكل ما تعرفه لا يعطيك حق الحرب 
لا يعطيك حق التعدي 
لا يعطيك حق الاستعلاء 
يجعلك فقط متواضع وغير مستحق ومحتجب وتحبو 

فأنت لست الأقنوم الرابع 
أنت لست هو

الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

أعمدة الملح الحالمة




كوكب الاجهاد في كل مكان
لم ينجو أحد منه
نحاول فقط التذكر والوقوف بين حرف وحرف
في هذه المساحة البيضاء الوحيدة المسموح بها .. للتنفس
وحمل بعض الحقائب من الزمن العتيق

ابتسامة من القلب كانت
حرف معصوم من الزيف
عهد لم يخترقه باب خلفي
ودفء ليس كمثله دفء
وشغف ترك مكانه نتوء في الروح وصمت أبدي
هنا كان الحضورالكلي
كل شيء كان له معنى
كان له طعم لا ينسى
ورائحة مثل الفردوس الخفي

أنت لست كالأمس
ولن تكون كالغد
متحرك كنهر يخاف التوقف
كقطار مجنون لا يؤمن بالأرصفة الفولاذية
كآلة وترية مخبأة عن متسكعي العزف
تنتظر الاكتشاف المباغت كالبرق
لن يأتي لص الفجر في معسكر للعسس
لا تنتظر

ماذا أفعل إذاً
وقد تركت خلفي كل أعمدة الملح الحالمة
وهرولت نحو الموعد
أرض تفيض لبن وعسل
هكذا قالوا في النبؤات

وأنت لم تكن من العذراى الحكيمات ولا حتى من الجاهلات
كنت فقط أنت .. ولا غير
لحم ودم وبعض الأغنيات

شجيرة وجدت .. شجيرة أكلت
سقوط سقطت .. قيامة فقمت
صعود لم تصعد .. بقيت
أكملت المسير يليه المسير يليه المسير
جلجثة هويت
شهوة الصديق الأثيم .. اشتهيت

والآن يأكلك الظل
فتضحك
وتعرف .. أن الوقت قريب



الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

الهامش .. وخبز التقدمة




تخطيء مرة تلو مرة تلو مرة 
مئة وألف ومليون 
تقترف الأمل حد الثمالة 

وتمد خط الانتظار على استقامته 
لعلك تصل نقطة البدء بالأزل 
لعلك تصنع جسراً للعبور 
بين ألف البدء وياء النهاية 

لتمر الأحلام للأجيال دون عثرة 
لتثري حوار التعدد في الذات 
والتعدد في الآخر 
ليرمم العقل ثغرات المعقول فيك 
ليتواصل الحب مع المحبوب فيك 

لتعلن صراحة عجزك 
وتسمر كل قدراتك اللانهائية 
ليتعرى كل المستحيل في الـ "كـُـن" 
ويكتشف أنه محدود
وأنه الــ "ممكن"

وأن المستحيل لم يكن هو 
بل كانت الأحلام 
وحدك كنت وحدك تواجه وحدتك 
لحظة العجز الأخيرة 

تحاول أن تصنع سلام في أرض الحروب 
فتفشل 
تحاول أن تجمع الأضداد على مائدة الحب 
فتفشل 
عدلك وحبك متوازيان لا يلتقيان 
إلا في فضاء جديد 
وجـُـلجثة ليست هنا

وحدك تأخذك الأمواج نحو الغرق
ليس لك مكان فيه تحتجب 
والظل تسكنه الأشباح 
لم يعد صدر الهامش يحتمل 
لاحتضانك واحتضان الغرباء 

وحدك كنت وحدك تواجه وحدك 
رشفة الكأس الأخيرة 
وخبز التقدمة 
لم يعد السبت السبت بعدك 
فصنع الأغبياء الأحد بديلاً عنه 
هدم الهيكل بين لصين 
فبنوه بعدك

فعل التخطي يحتضن فعل التعدي 
فينتهي الإهداء 







شحاذ العتبات المقدسة



عندما تقرأ التاريخ بلا تبرير 
وبعين عارية من أدوات التجميل 
وبقلب غير مفخخ بالرصد 
تكتشف أن التواطؤ .. هو مخرج الكثير من العروض
علاقة بين النصاب والطماع 
بين السيد المتكبر وسيكولوجية العبد 
بين القاهر والمقهور 
بين دور الساحر ودور المسحور 

لكل خرافة مصدق ما 
ولكل إثبات علمي مستفيد واقعي 

التاريخ وما أدراك ما التاريخ 
عندما تجد باعة محترفين 
وطوابير من القطيع النملي 
وسوق يشجع الربح السريع 
انتبه .. أنت في مركز الإعصار المضلل 
احذر .. أنت في مدينة الأشباح 
في خدمة توصيل الموت للأموات 

عندما يكون موسى فوق الجبل محتجب .. الشعب في الأسفل يعبد العجل الذهبي في التيه 
عندما يكون قدس الأقداس بلا تابوت العهد .. طوابير القطيع والقرابين تتزاحم على المذبح 
العلبة المرصعة بالذهب والماس والياقوت والمرجان .. بلا فيل 
مغارة علي بابا .. والأربعون والستون والمئة 

التاريخ يقول بكل وضوح 
لا تثق في البائع المتجول 
من يكسر بابك الشخصي ليصنع لك احتياج وهمي 
ليسدد عطشك الوهمي بماء مالح .. ويأخذ المقابل الواقعي جدا 
ليسرق سماء البراح منك والأسئلة اللحمية .. ويعطيك سماء نحاسية 

التاريخ يقول بكل وضوح 
لا تثق في دموع المسرح 
لأنها تزرف مع سبق الاصرار والترصد .. لتجذب دموعك الحقيقة 
لتشعرك بالذنب الذي يفوق ذنبك .. فتسلم روحك وعمرك ومالك لصندوق النذور 
لتفرغك من مضمونك فتصير شحاذ العتبات المقدسة 

التاريخ يقول بكل وضوح 
لا تثق في نور يجعلك معصوب العينين 
النور يجعلك ترى .. يفتح عين الأعمى 
بلا عصابة ولا شرط ولا قيد 
لا يهاب أسئلتك وعلامات تعجبك ونقدك الحقيقي الساخر 
ولا يصنع لك بدائل سيكولوجية مخدرة 
لا يعطي لقيط لعائلة من اللقطاء 
ولا يزرع أعضاء مبتورة في جسد ميت 
ولا يعطي ابتسامة بلهاء لوجوه البلهاء 
عندما تحتاج لخبز لا يعطيك حية 
لا مقايضة فيه بين الخبز والحرية 

التاريخ يقول بكل وضوح 
أن سيكولوجية العبيد تحتاج وتبحث عن فتات الأسياد من أجل البقاء 
وعندما تصعد سلم النشوء والارتقاء تصبح كالأسياد ترمي الفتات للكلاب 
تدين كما كانت تدان 
التاريخ يقول المشكلة في الإنسان والحل في الإنسان 


الباخرة الأولى




الإهداء ..
للأعداء والطوفان والصف الأول 


كانت الباخرة الأولى قبل الطوفان الأول عجيبة جداً 
تكتظ بالبشر والحيوانات والتنافس الباطني المغطى بقناع التقوى
والابتسامات البلهاء والصادقة من البعض

لكي تصل من الصف الأخير في مسرح السفينة .. إلى الصف الأول 
كنت تحتاج لوقت طويل ولشهيق أطول وصبر يفوق صبر أيوب الأحادي

فالصف الأول للنـُخبة وبعض المريدين ماسحي الأحذية والروح 
الأضواء هناك وكل الأنظار هناك وصندوق السبوبة هناك 
في الصف الأول لا يوجد لأحد احتياج 
لا جائع ولا عريان ولا عطشان في الصف الأول 
هناك أثرياء السفينة والفتات الساقط منهم يصيب المريدين بالتخمة 

في الصف الأول التشجيع يفوق الخيال .. التصفيق لا يتوقف 
المعجزات تصنع دون احتياج أو طلب 
تأتيك يومياً .. تقرع بابك بلجاجة
من لم يختبر نفاق الصف الأول لبعضه ومريديه له .. لم يذُق طعم الذات بعد
ابن الخنوع والطاعة العمياء والتصفيق الدائم ماسحي أحذية الروح .. من يستحقوا فقط الاقتراب 
الاقتراب رويداً رويداً للصف الأول ومطبخه العاجي والمنافق بضمير صالح جداً 

ستسمع كلمات بتكرار يفوق الأمم 
لدرجة تصدق أنها سفينة مُعقمة بالحب
لا يهوذا بيننا 
ولا نميمة روحية تجرف الخضار الذي فيك .. لو كان فيك 
تتخيل أن طريق الجـُـلجثة والأمواج والغرق لن يـُسقِط أحد
تخيـُـل مراهق في سفينة الزيف حيث الصف الأول 
من نجح في امتحان الذات المتورمة المختبأة أسفل ابتسامة بلهاء مسكينة

ولكن ما أجمل طريق الامتحان 
ما أجمل الآتون
ما أجمل جب الأسود 
ما أجمل المشاكل وسقوط سيف البطولة في الصف الأول
في طريق الجـُـلجثة لا قوي ولا جبار ولا فارس ولا مناضل 
وحيداً وحيداً وحيداً .. تجتاز النار والألغام والشوك وخناجر الظهر التي لا تـُـعد ولا تحصى
ما لم تراه عين .. ستراه هناك 
ما لم تتخيله .. ستجده هناك

وكان الصف الأول هو صف اليهوذيين وليس النبلاء
ستكتشف أن النبلاء في الخلف
في الكواليس .. في الاحتجاب
كل من انجذب لمسرح الأضواء ينبغي أن تخاف وتقلق منه
وكل من احتجب وتوارى وليس مهتم بالمنافسة بالصفيق والإنحناء .. ابحث عنهم
في المكان المجهول إنسان مجهول يحمل قلب لحمي مُحب بلا خنجر ولا نميمة ولا زيف 
ليس لديه مصلحة ولا هدف ولا غاية لكي يضعك على مذبح الأوثان 
روح المنافق خاوية وروح المُحتجب نبع لا ينضب 

ودقت الساعة وصرخ صوت الإنذار في السفينة 
الأمواج تجتاح والغرق يقترب
من يضحي بمن .. ومن ننقذ 
اختاروا الآن 
لا وقت للحُب ولا للحوار ولا للغفران ولا للتاريخ 
اختاروا الآن 
اختار الصف الأول .. باراباس 

توبة الوجد



أمنية قديمة  أمنية تسكن القلب والظل منذ الصغر
لمجموعة من الأطفال مبدورة بشكل عشوائي
على الصخر والأشواك في الكوكب الأرضي
أمنية .. الكمال  أن يصير نصف كأس العشق فيهم .. كاملاً
أن يسكروا حتى الثمالة
أن يتوبوا توبة الوجد ويكتمل موتهم عن العالم ويكون القرار
ألا ينظروا ورائهم مهما طال المسير  وأن يكونوا قرابين الصف الأول في النضال
وفي الصف الأخير مُحتجبين في هيكل النهار

لا يوجد أصعب من أمنية الأطفال أن يظلوا مهما طال العمر .. أطفال
فبوصلة كوكب الأرض هي التيه
وإجابات مهما تمخضت لا تلد غير أسئلة
وفي طريق كمال الأرض .. إحساس بالنقص يزيد
يظهر العطش جلياً بجوار بئر الماء
وكم عطاء يظل يحمل بداخله .. إثم الإحساس بالعطاء
النقص هو وشاية يدك اليمنى لبقية الأعضاء
ونوم لضمير .. تخيل أنه صالح
رغم يقظة الفقراء وأنين المقهورين وكم المأسورين
كم هو مرهق إحساس الشعراء والثوريين والحالمين
من يريدون عدالة للجميع  من يشتهون خلاص الجميع  من يلونون جنتهم بكل ألوان البشر .. بقوس قزح
ولم تتسع صدورهم ولا سمائهم .. لنار  كيف يتكبر تلميذ ليصحح أوراق لحمية لتلاميذ مثله
كيـــــــف يدين المدان
فالنقص نقصاً مهما ارتدى قناع الكمال

أمنية مازالت تثمر بداخل السابحين  أن يذوقوا خمر الكرمة عشق الكرمة تجلي الكرمة  واكتمال الحنين

الفريسي والصوفي .. والـ EGO




الفريسي على مر العصور .. يمتطي الحرف المقدس .. بلجام فارسه الوحيد .. هو 
والصوفي على مر العصور .. يتماهى مع المقدس .. كثقب أسود يمتصه ليظهر .. هو 

الفريسي .. هو البطل على مسرح الحرف 
والصوفي .. هو البطل على مسرح الوجد 

الأول .. يحاصر المعنى يسجنه يحدد إقامته الجبرية .. ليصير سجانه الوحيد حامل مفتاحه وبصمة شفرته ووكيله الأوحد 
والثاني .. يغزل من المعنى ثوبه يجعله على مقاس تضاريسه الجوانية يخلقه على صورته .. فيصير هو روحه وروحه هو .. يتماهى ويصير حلوله الأوحد

كل الطرق الإنسانية تؤدي إلى بطولة روما الإنسانية 
فاللغة لأنها إنسانية قاصرة ومحدودة وعاجزة وايحائية وحربائية وحمالة أوجه 
ولأن الحرف إنساني والمعنى إنساني .. فالمحدود في النهاية يربح 
ومن هو من التراب إلى التراب يعود .. بكل سهولة ويسر بلا أدنى فزلكة أدبية 
فالحرف والتأويل وجهي عملة التواصل الإنساني .. والفهم الإنساني .. والقصور الإنساني الذي لا نعرف غيره

وكل ما لم تراه عين .. لم تراه أي عين 
وكل ما لم تسمع به آذان .. لم تسمع به أي آذان 
وكل ما لا يخطر على قلب إنسان .. لم تسجله حتى الأساطير والأحلام 

فنحن البشر لم نكتب شيء لم نعرفه 
حتى لو صنعنا المسخ 
سيكون رأس إنسان وذيل تمساح وجناح نسر وأقدام ديناصور 
كل ما نعرفه موجود .. وكل ما لا نعرفه لا نقدر أن نلتقطه

والفرق بين الخيال والعلم .. هو اختيار الوسيلة التي يمكن أن تصل إلى نتائج 
يظل الخيال ذاتي أو جمعي .. حميمي باطني نسبي إلى حد الفجيعة 
ويظل العلم .. هو ما نقدر نحن المختلفين أن نتفق عليه .. لأن نتائجه بين أيادينا جميعاً وأمام عيوننا جميعاً 
أخيراً .. صنع الإنسان مسطرة كأسنان المشط .. لا يقدر أن ينكرها أحد 
العلم هو الوطن الوحيد الذي نشعر فيه جميعاً بفاعلية المواطنة
متساوون في الحقوق والواجبات والنتائج 

أخيراً .. نضع اختلافاتنا الجوانية الباطنية العقائدية الذاتية في قلوبنا .. لنخرج في المجال العام المحايد العلمي متساوون 
نسأل الممكن وننتظر إجابة نقدر أن نختبرها جميعاً .. في المختبر 
فتخرج النتائج واحدة لا يأتيها الباطل .. في مصر في اليابان في أمريكا .. العلم لا يعرف الشرك والاختلاف 
مهما كانت لغتك عقيدتك لونك جنسك .. فالنتائج واحدة .. صحيحة أو خاطئة .. أمام الكل وللكل 
نلمسه بأيدينا نراه بعيوننا نسمعه بآذاننا .. أو بأدواته المتفق عليها من الكل العلماء والجهلاء 
الكل خاضع تحت اجابته المعلنة وغير المحتجبة 
الوجودية وليست الغيبية 

لأجل ذلك للعلم لغة خاصة .. ليست حرف أو معنى .. ليس حمال أوجه
في المختبر .. لا مكان لفريسي أو صوفي 
حرفي أو تأويلي 
لا مُهرة ولا ثقب أسود 
لا فارس ولا حلولية 

العلم ملك للجميع وليس لقلة بعينها ووكلاء ما .. لا يحتكر أحد مفتاحه ولا فك شفرته 
ولا سلطة كهنوتية للعلم 
ولا قيادة هرمية 
ولا خلايا عنقودية 
العلم من الانسان المكتشف إلى الإنسان المستفيد 
من الإنسان السائل والإنسان المجيب إلى الإنسان المستفيد 
العلم يدرك جيداً أن الإنسان مسئول 
أن يبحث وأن يسأل وأن يكتشف وأن يجرب وأن يصنع .. وأن يستفيد 

العلم يعرف أن حتى من يصارعه يستخدمه .. فلا مفر منه 
كل من يقطن الكوكب البيضاوي من البشر .. يخضع لنتائجه 
كم دفعنا من أثمان باهظة لكي نوقف طوفان الأوبئة التي اجتاحت ملايين من البشر 
العلم هو سفينة نوح الإنساني جداً 

ولأن الإنسان قاصر وعاجز ومحدود وعظيم .. صنع صراع بين أدوات اكتشافه .. التي كانت تحمل مراحل تطوره وبحثه ومخاوفه وأحلامه واكتشافه .. صنع صراع وهمي بين الحرف والعلم ..
بين الهيكل والمختبر .. بين الماضي والحاضر 
وخسر الكثير ومازال يخسر على مذبح الصراع الوهمي المتكبر 
صراع بين Ego كهنة الحرف .. وتواضع علماء المختبر 




الاثنين، 13 يونيو 2016

الحضور .. هناك



لا أعرف من هو محظوظ منا .. ومن أعطته الحياة فرص لا تــُـقدر بثمن 
وجعلته يقابل وجهاً لوجه فقراء بقلب أرملة الفلسين 
ويواجه أغنياء بقلب الصفوف الأولى 

لا أعرف من أعطي فرصة أن يصغي لخاطئ يشعر بعدم الاستحقاق 
وأن يصغي لمؤمن يشعر باستحقاق وبزهو عجيب 

لا أعرف من منا دخل هيكل يحضر مود الحضور الإلهي ليضعك في قلب الحدث بالمؤثرات 
ومن منا لمس حضوره في أماكن عادية جداً مع أشخاص تظهر وكأنها أقل من عادية 

ستظل الوشاية شريرة حتى لو كانت من تلميذ من تلاميذه 
وسيظل النـُـبل خيـِر جداً حتى لو كان من أعدائه 

الخير خير والشر شر 
مهما كان التزييف مُحكـَم والأقنعة مُحترفة 

وسيظل التواضع جميل وعميق 
والكبرياء أناني وسطحي 

كم خاطئ يحمل قلب طفل 
وكم مؤمن يحمل روح لوسيفر 

الفرق رهيب .. بين من يعرف أنه مريض ويحتاج لطبيب 
ومن يعرف أنه من الأصحاء ويتخيل في بعض الوقت أنه طبيب أيضاً 
البوصلة لا تنادي إلا على التائهين 
والشاطئ ينتظر من كانوا على وشك الغرق 

وجع وشـَك وتواضع الأسئلة 
وتخمة وقساوة حامل الأجوبة الساذجة
الفرق بين الاحتواء والطرد 
بين جذب الحـُب وأنانية الطارد 

الحياة كل يوم تعلن بوضوح عن خسارة من يدعي الحقيقة في معاركه الدموية
من يخسر إنسانيته يخسر الحقيقة
من يخسر زرع الأرض لا يحصد ثمار السماء 
النبلاء يضيئون حتى لو كانوا أعداء 
والخسة لا تحمل قنديل يضيء في الظلام 

مع الوقت أصبحت لا اسأل من تعبد 
وما هي صفاته 
ولأي مذهب وطائفة تنتمي 
وما هو معبدك هذا الصباح وذاك المساء 
أصبحت أعرف فخ زخرفة القبور 
واقنعة الهياكل الموبوءة بحـُب الظهور 

فقط انظر لقلوب الأطفال والعجائز 
لكل من لا ينتمي للغرور 
المس العطاء المليء بالاستحياء 
وانظر العيون غير المستحقة والمليئة بالعرفان
وامسك أنامل الزارعين بالدموع والحـُب 
وعاهد المُحتجبين إذا اكتشفتهم 
في الخفاء يقطن الشفاء 
وحاول أن تصغي ليس لمن لهم لسان .. بل لمن لهم آذان 
ولمن لهم قلب إنسان 
هناك يكون الحضور 
حضور يفوق العيان