الاثنين، 1 يوليو 2013

حضور في اغترابك



من يعرف الوجد 
لا تحاصره وحشة الوحدة
ولا تقرع أبواب قلبه الرياح
ولا ينبت الشوك أسفل نافذته ولا في حديقته الخلفية
ولا يتوب نن عينيه عن الرقص والبكاء
في الوجد معية لا تتركك تذبل
فالعشق براح لا يحمل صدى الوحشة
يتخطى ظلك بمراحل
وبعمق تجهله الدهشة

من يشعر بصهيل الوحدة لم يقرع باب قلبه الحـُب
ولم تؤنس النجوم روحه في الليل المباغت
ولم يعرف سر صلاة الإصغاء 
وتجلي تواضع الحـُب
وصيام القلب عن الكـُره
وتسبيح لم يختبره غير الحـُر

الوجد ..
يجعل عكاز خيال الحق نوراً
ويحول جبل الثلج بين راحتيك لمدفاة سرمدية
وفضولك يجعله منتصب القامة لا يغفو

فالنشوة في الوجد عكس السـُكـْر
لا تجعلك تنسى
مرآته تعرفك وتعرفها
تتعرف على ذاتك من قـُرب
ومن بـُعد
فتتعرف عليك وعليه فتجده

تتخطى كل دواير أهل الممكن
الصدق والكذب 
الحـُب والكـُره
الصوم والإفطار
الزهد والأفكار
تتخطى حدود المـُمكن

فالعرفان كالقمر بلا جاذبية تــُذكر
فالسير كالتحليق
لأرضٍ لم تعرفها
لأفكار لم تفهمها
لمعاني لم تغوص فيها
لشهوة لم تشتهيها

فالعرفان يجعل علمك كجهلك .. متواضع
وإجابات استفهاماتك لم تعد تبتغيها
فلـُعابك لا تجذبه الفتات

لم تعد مألوف أنت
لم تعد مستساغ أنت
لم تعد كما كنت
لم تعد كما أنت 
لم تعد أنت

عنوة التوحيد


" عندما فقد أبي هالته الأولى فقد أسطوريته " 
جمال الحلاق - آلهة في مطبخ التاريخ


منذ البدء جلس أحدهم على العرش عنوة
وجاء آخر بعض وقت وأزاحه .. وجلس مكانه
إجابة تصعد سلم النشوء والإرتقاء الميتافزيقي
محاولة منها أن تغتاله للأبد
وترسم له صورة واحدة
لا شريك لها
فيتجمد المشهد
وتتقولب الحرية
لتصبح إلتزاماً
وليصير الحر عبد
وللسؤال اجابة
وللعرش جالس
وللحرف معنى لا يقدر أن يتخطاه
بحر راكدة أمواجه 
وسماء ناصعة البياض الصنمي
وملاك بجناحين لا تحارب هبوب ريح
وطفلاً يتكلم في المهد كالعجائز
وقمراً لا يربك ليلاً
وشمس ليس لها صديق تضيء له
وطريق بلا رفيق
وحشة الوحدة والحل الوحيد
يا أولاد الأفاعي
كيف تم اغتيال السؤال البريء
كيف توجتم الوهم سلطان علينا
وجعلتوا صدى بوحنا صوته المجيب
سلاسل من القيد
وعصابة على القلب
وزنزانة للروح
وقص الأجنحة
والنتيجة .. توحيد
واحداً أصبحنا كأسنان المشط
كرؤوس قطيع تنتظر الذبح
كحبات مسبحة في أيدي الكبح
كسلم مسنود على جدار الهواء الطلق
يا أولاد الأفاعي
كيف وضعتونا في خانة الدرك
في لعبة الصدفة والأقدار
جهل يسلمك لليل 
وليل يسلمك لغباء نهار
وكوة متخيلة تفصل بين فراغ وفراغ
كوة تطل بك من جدار لجدار
ولتقترف الأمل بنميمة اليأس
ولتزن حسناتك بميزان الذهب
وسيئاتك بميزان البخس
ولتمشي على صراط السراب لعلك تصل
ولتسبح في بحر النسيان لعلك تتذكر
وابدر بذار الشوك في أرض خصبة
لتثمر نرجسيتك
ولتجعل إسرائك ومعراجك لك
ولتطوف بكعبتك
ولتبني على برج بابل هيكلك
ولتقبل قرابين ذبائحك
ولتغفر لك أو ترجمك
من تسجد له في مرآتك
مخلوق على صورتك
مخلوق على صورتك 
مخلوق على صورتك

نصف جلجثة الأحلام




لا أعرف من في عالم العشق 
أحب أولاً
بعث الرسالة الأولى والثانية والثالثة والعاشرة ولم ينتظر
وعرف أن ألف ميل الحب 
يبدأ بخطوة تليها خطوة تليها خطوة
وأن للحب وجهان
وجه يحمل عطشه
ووجه إرتوائه
وكأنه من البدء يبدأ
وفي الأزل انتهائه
ما بين عدم الإستحقاق والإستحقاق
دائه ودوائه
ليس بالأعمال لكي لا يتكبر أحد
من يصغي ويتضع لندائه

في عالم العشق 
الحب لا تجذبه الوجوه
ولا بريق الصف الأول
ولا يمنعه الغروب
الحب يرى الخفاء والقلوب
وفي الرداء الأسود يرى بياض الثقوب
من أحب أولاً
واقترب 
وقرع الأبواب المجهدة
وفاق صبره صبر أيوب
ولم يهزمه الجفاء ولا العداء ولا الذنوب
تعرف من يحبك بقدرة حبه على تخطي السدود
من يرمم ثغرك
ويضمد جرحك
ويجعلك لوطن الأحلام تعود
أرض الموعد هو
الحب هو غاية الوجود
هو ذروة الفناء وذروة التحقق
هو عمق الغياب وقمة الحضور
أحبنا أولاً وأخيراً
ونحن في فلك الحب نتطور وندور
من هزيمة لإنتصار
من ضعف لقوة
من مجد إلى مجد
متفردين ولكننا غير منفصلين
متحدين ولكننا غير ممتزجين
نصير كالأطفال في محضر الحب
نصير كالشعراء 
كالفلاسفة 
كالحكماء 
كالبلهاء
كالمتصوفة
نعطش ونشرب ونرتوي 
فنبحث عن العطشى ليرتووا مثلنا
فيرتووا 
فيحبوا من أحبهم أولاً
من أحبنا بدون استحقاق
في محضر الحب نتواضع
وفي أرض الأنانية يقطن الكبرياء

من اختبر الحب لا يخاف
فالحب شجاع
غني الجوهر
لا يشترى ولا يباع

الحب مليء بالشغف
يوم ممطر 
وآخر ثلجي 
وفي الليل ينفجر أسفل أقدام روحك بركان فجأة
وينام بجوارك كأطفال الملائكة وهو يحكي
يتركك في نصف جلجثة الأحلام 
لكي تكمل أنت نصفك
لتضع بصمتك
لتكن مشيئتك
لتكمل قصتك
فسكر الوجد يحتاج لكأسين
فالواحد منا ان لم يشرك يظل جبان للأبد
في البدء كانا اثنان وبينهما شجرة معرفة
والواحد الأحد لا يعرف نفسه 
إن كان حي أو ميت
إن كان حار أو بارد
إن كان عاقل أو مجنون
حقيقة أو أسطورة الظنون

الحب يجعلك تعرف من تكون
وكيف تكون 
وأين تكون


الإهداء 

لكل من أحب أولاً 
من البدء وإلى الأزل ولم يصيبه تغيير ولا ظل دوران

كؤوس المدينة .. وكأسي



كل الحانات تنتشر على أطراف المدينة
وأنا حانتي في وسط روحي تقطن
كل كؤوس المدينة ممتلئة سراباً 
وتسكرهم
وأنا كأسي فراغه حقيقي
خمر المدينة يغيب العقل 
وخمري لا يجيد قراءة الطالع 


يا قنينة الغيب 
سماء الغيث نحاسية
ومنتظرو المطر المتأخر
قد نسوا أن المطر المتقدم لم يأتي بعد

وأن قرابين الأوثان 
تأكلها الكهنة بالليل على ضوء الشموع وموسيقى الجاز
بعد رحيل عبيد الرب بدموع توبتهم
وجذب لـُعاب الفقراء بتخمة الفردوس
ووضع الجميع في مفترق الطرق
بين شجرة التمرد وشجرة الخنوع

يا إلهي إن لي أمنية
أن نقدر في الأرض أن نخرس الجوع
أن نكسو العــُري
أن نشفي مرضانا بالمعجزة الدائمة .. العلم 

يا إلهي 
كل الحانات دخلت 
وكل الكؤوس جربتني واختبرتها
ما بين كأس مـُر .. وكأس حلو
حرية ملتبسة
ولئلئة سراباً
ويقين يفعل فيك فعل الشك
وسلام في القلبي يحتاج لجرعات متتالية

يا إلهي ..
بلوتي مضحكة أم ضحكتي بالية
قرون وأسئلتي تكفنها بإجابات من الشمع الأحمر
ويذوب الشمع عند طلوع الصبح
فتقوم أسئلتي قبل اليوم الثالث 
أكثر جرئة
طول العمر كر وفر بين أجوبتك وأسئلتي
بين الحـُب للإبن الضال والبركة للإبن الطائع
اختيار صعب بين الحميمية والكنز
بين من تأكله التجربة وبين من يأكله السوس
بين الحرب الروحية وحرب الحواس

يا إلهي 
كل الطرق تبحث عن روما
وروما المعصومة تقول أنها تبحث عنهم
وحمامها الزاجل يملأ السماء الدنيا بالرسايل
وكل يأخذ رسالته ويخبئها ويمتلكها ويحتكرها
ويبشر بها بإستعلاء
ويفسرها ويبسطها ويعقدها ويشرحها
فيزيد على عناء اسئلة البشرية بلاء
هرم من الإجابات 
ومازالت الأسئلة طازجة لامعة
وكأنها محاولة من كهنة المعابد 
أن تضع إبرة السؤال في كومة قش من الأجوبة
أن تذوب شجرة المعرفة الناشز الوحيدة المتفردة
بين شجيرات الفردوس الطيعة الجامعة المانعة

يا الهي إن لي أمنية
أن يسكن الحب
ويطرد الخوف من دار القلب
أن نصاب بشغف ودهشة الأطفال
أن نحمل الأمانة التي رفضتها الجبال

يا إلهي أن لي أمنية 
أن نصير كالأطفال